بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى على طلبة العلم أنَّ من أهمِّ المطالب العلمية في تحقيق الكتب التراثية: إثبات نسبة الكتاب لمؤلِّفه، وهذا يعتمد على شروطٍ وأوصافٍ يجب توفرها فيمن يتصدّى لخدمة كتب العلماء والأئمة، وهي كثيرةٌ معروفة عند أهل صنعة التحقيق.
ولعلَّ من أكثر العلماء الذين نُحِلت على اسمهم المؤلَّفات.. هو الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي، والدوافعُ التي حملت نساخَ المخطوطات من قبل - أو غيرهم كمتملِّكين - وبعضَ مَن يشتغلُ بالتحقيق في زمننا على نحلة الكتب عليه متعددة:
منها المبنيُّ على اجتهاد الناسخ عند فقد النصِّ على صاحب الكتاب، وهو الأكثر.
ومنها المحبةُ المبنيةُ على الجهل بحيث يَنسُبُ للشيخ كل ما يراه حسنًا وإن كان منصوصًا على أنه لغيره!
أو ينفي عنه ما هو ثابتُ النسبة له بحجة المخالفة للشريعة المبنية على فهمه الضيق!
أو الاكتفاءُ بالوجادة لاسم الشيخ على طُرَّة المخطوط، دون البحث عن القرائن الداخلية والخارجية في نسبة الكتاب له!
وغير ذلك من الاحتمالات.
وقد وقفتُ في المخطوطات والمطبوعات على مصاديق لكل احتمالٍ من هذه الاحتمالات، ووصل عندي عدد الكتب المنحولة على الشيخ الأكبر إلى ما يقرُب من مئة عنوان، اعتمدتُ في أكثرها على جهود مَن سبقني مِنَ الباحثين، وبعضها مما فتح الله تعالى به عليّ، ولم أقف عليه عند أحد.
ومنذ سنوات اقترح عليّ الأستاذ الدكتور بكري علاء الدين حفظه الله تعالى ورعاه بأن نتعاون على العمل في إخراج كتابٍ يبيِّنُ المؤلَّفات المنحولة على الشيخ الأكبر ابن العربي؛ إذ إنَّ حركة التحقيق والطباعة للكتب كانت وما زالت تُخرِجُ لنا مؤلفات منسوبةٍ للشيخ الأكبر لا تصح نِسبتها إليه بوجهٍ من الوجوه! فبدأنا بالعمل عليه والحمد لله، أسألُ اللهَ تعالى التمام بجاه خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.
ونظرًا لطباعةِ كتبٍ جديدةٍ منسوبةٍ للشيخ الأكبر لم تُطبَع من قبل، وبُعْدِ زمنِ إخراجِ كتابِنا المشار إليه.. أحببتُ أن أستلَّ منه ما كتبتُه من بحثٍ علميٍّ حول عدمِ صحة نِسبتها للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي، وبيانِ المؤلِّف الحقيقي لكلٍّ منها.
وستكون المقالة الأولى إن شاء الله تعالى في الكلام عن كتاب "الدر المكنون المشحون بالفنون". بقلم الفقير أحمد بن سهيل المشهور.
والثانية في الكلام عن كتاب "كنز الحقائق في كشف الدقائق". كذلك بقلم الفقير.
والثالثة في الكلام عن كتاب "المقامات الفلسفية والترجمات الصوفية"، بقلم الدكتور بكري علاء الدين.
هذا ولا يخفى على القارئ أنه لا تلازم بين كلامنا عن تحقيق نفي نسبة هذه الكتب للشيخ الأكبر ابن العربي وإثباتِ نسبتها لأصحابها وبين ما فيها من العلم النافع.
وكتب
أحمد بن سهيل المشهور
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0Zz7yUPR5toqWMkanRVCgeQAMENXpbALKVHZNwXdX9ZoXxG3Jm9LiYk799u82kVL9l&id=100062019499042&mibextid=Nif5oz