كليمة في كتاب:
"في سبيل الله والفوهرر"
لمؤلف: ديفيد معتدل.
أكتب هذه الكلمة القصيرة لأن أحد المقدمين لهذا الكتاب أسبغ عليه الأهمية والمصداقية، وما كان له أن يفعل ذلك؛ لأن الكتاب تافه جدا وحقير جدا وقصد واضعه يصح فيه هذان الوصفان، ذلك لأنه وضع القضايا التاريخية في غير سياقها الواقعي والموضوعي، فخرج الكتاب سيئا جدا.
مثل هذه الكتب ليست بريئة الوضع، لأنها تكرس السردية اليهودية التي وضعت أمثال الحاج أمين الحسيني كخادم لهتلر، وما كان هم الشيخ وسماحته إلا البحث عن مخرج قادر أن يخرج فلسطين من لعبة الأمم وتسليمها للوكالة اليهودية، وقد استنفذ الشيخ وسعه مع الدول العربية فلم ينجح، وعلم أن قضية فلسطين ليست شيئا فلسطينيا ولا عربيا بل دولي الطابع والتأثير.
لا يبحث الكتاب قضية الحاج أمين الحسيني وفلسطين فقط بل بحث قضية البوسنة والقوقاز، واهتمام الألمان بالمسلمين في هذه البلاد الباحثين عن التحرر من مستعمرين تاريخيين، ومع أنه لا يبحث في السبب الجوهري للألمان في اهتمامهم بهذه القضايا بل إن الجريمة العظمى لهذا الإيراني المتأمرك مؤلف الكتاب يلغي البحث عن سبب تحالف المسلمين المضطهدين في هذه البلاد مع دولة لا يعرف عنها تاريخ استعماري معاصر كشأن الحلفاء في الحربين الأولى والثانية، وبهذا يخلص إلى أن صورة التحالف هي استخدام هتلر للمسلمين في هذا التحالف.
وليت المؤلف أخبرنا بما وجد في الوثائق التي ادعى الوصول إليها الجواب عن دواخل الألمان في هذه التحالفات ولم يتركها لاجتهاده الذي أسبغ عليها رؤاه العلمانية وحب الحلفاء وكره المسلمين.
عنوان الكتاب عنوان حقير، وليس هو الترجمة الحرفية للعنوان في أصل وضعه الأجنبي، وقد أُقِرَّ للمترجم هذا العنوان الحقير والمستفز، فالمجاهدون من الحاج أمين الحسيني وفي القوقاز والبوسنة لم يكونوا في سبيل الفوهرر لا في جهادهم ولا في سعيهم من أجل التحرر من أعداء تاريخيين وملاصقين لهم جغرافيا.
سرد التاريخ بهذه الطريقة خيانة كبرى وافتراء على الوقائع، وما كان لمقدم الكتاب أن يمدحه دون وعي على مقصد صاحبه وتقدمة مؤلفه سردية يهودية تتربح من ورائها ما نراه من انحياز ألماني مجرم لليهود ودولتهم في فلسطين.
كان من الواجب العلمي أن يذكر سردية المسلمين وكيف فهموا القضية والوقائع، وهل كان لديهم من الشكوك ما وقع لمن تحالف مع الحلفاء في الحرب العالمية الأولى ثم ظهر خيانتهم باتفاقية سايكس بيكو فخانوه واستخدموه لمقاصدهم.
لم يكن المرء ليهتم بهذا الكتاب في مثل هذه الظروف إلا لأن هذا الإيراني المتأمرك مؤلف هذا الكتاب قد شد حبلا جديدا على قادة مسلمين استفرغوا جهدهم لخدمة دينهم وأمتهم وأهمها قضية فلسطين مع وحوش هذا العصر وهم يهود.