حرب غزة يوميات ومشاهدات [40] من غزة إلى الكويت.. ذبًّا عن المحصَنات شعب الكويت شعب كريم أصيل، والصلة بيننا ويبينهم قديمة، وما رأينا منهم إلا خيرا. ولقد نزغ الشيطان بيننا وبينهم نزغةً يوم جرى ما جرى من حرب صدَّام ثم انتهى الأمر ولله الحمد والمنة. وفي هذه الحرب الظالمة التي يكتوي أهل غزة اليوم بنارها كان وفد الكويت -من الأطباء والناشطين- من أوائل الوفود التي دخلت غزة، ومن أنْبل الوفود التي تركت في الناس أثرا عظيما، ولقد بادلناهم حبا بحب، ووفاء بوفاء، وإخاء بإخاء. وإنا لنشكر لهم ولإخواننا المسلمين في كل مكان هَبَّتهم لنصرة أهلهم إخوانهم، ونسأل الله سبحانه أن يمن عليهم بالعافية، ويستعملنا وإياهم في نصرة دينه وشريعته. وهذا ليس مستغربا على أمتنا المباركة، وشعوبها الأبية، فإنه ما نزلت بالمسلمين نازلة إلا قام أهل الإسلام فيها لنجدة إخوانهم، وبذلوا فيها دماءهم قبل أموالهم، فالله يبارك سعيهم وجهادهم. ولا تخلو بلد من بلاد الإسلام من الأراذل والأوباش الذين يسعون بالفساد، ويتحركون للفتنة، ذئاب في مَسالخ بشر، عار على الجن والإنس، وهم اليوم كما عرفناهم بالأمس، كَذَبة مفترون، متلوِّنون مستأجَرون، تراهم أبدا في العُدْوة القُصوى قاتلهم الله أنى يُؤفَكون. وبينما القتل مستحرٌّ في شمال غزة وجنوبها خرج علينا مِشعل النَّامي لا بارك الله فيه وفي أمثاله في مقطع مصوَّر يزعم فيه أن بعضهم حدثه عن أحد مشاهير (التواصل الاجتماعي) ممن ذهبوا إلى غزة: أن الدعارة والمتاجرة في الأعراض انتشرت بين النساء هناك بسبب الحاجة وقلة ذات اليد. ولي مع هذا الخبيث وكلامه وقفات: الأولى: تنقُل أيها الأفَّاك عن مجهول عن مجهول وتترك كلام أشراف الكويت وفضلائهم ممن ذهبوا إلى غزة ورجعوا ثم ذهبوا ورجعوا فما حدث والله أحد منهم عن رجال غزة ونسائها إلا بخير. ولو كنت تريد الخير لكفاك كلامُهم وكلام غيرهم الذي ملأ الدنيا، لكنك مُشعل فتنة، وخالق إفك، فالله حسيبك وطَليبك.          الثانية: نساؤنا وأخواتنا في غزة بحمد الله عفيفات طاهرات محصَنات متسلسِلات في الشرف والحياء، قد شهد لهن بذلك القاصي والداني ممن زار غزة وأتى إليها. يبِتن متلفِّعات بمروطهن وجلاليبهن خشية أن يصيبهن القصف فيلقَين الله متكشفات. في أحضانهن نبت الرجال، وبأيديهن غُرست راية المجد، جهادهن أشرف جهاد، وصبرهن أعظم صبر. لكنك يا مشعل لا تعرف مجدا ولا شرفا ولا عزة ولا كرامة، صفيق رقيع وضيع لا تتطاول إلى مقامات النساء فضلا عن الرجال.    ونُقسم لو دَعواك شخصا تمثَّلت         لصَبَّت عليك اللعنَ ثم اضمحلتِ الثالثة: هل سماعك من فلان عن فلان من المجاهيل يسوِّغ لك الولوغ في أعراض المحصنات؟ وما أظنك والله إلا أفَّاكا مفتريًا، جبُنت أن تقول هذا الكلام مبتدئا فتسترت خلف المجاهيل، واحتميت بالزور والبهتان. ثم خرجت -بعد أن ثارت الأمة عليك ورمتك عن قوس واحدة- تبرر صنيعك، وتدعي أنك ناقل لا مبتدئ. وهل ترضى أن يطعن أحد في عرضك وشرفك محتجا بسماع ذلك من فلان أو علان، وينشر ذلك في العالمين؟! ويحَك، أي عدوَّ نفسه ودينه وأمته، أوَيطعن الكريم في أهله؟ ويُشيع فيهم وفي أعراضهم قالة السوء والإفك؟ وهل جُلد من جُلد في حادثة الإفك إلا بإشاعة مثل هذا والإفاضة فيه؟ (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ * الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [النور: 23-26]. الرابعة: هَبْ أن هذا الذي زعمت سماعه -مسلسَلا بالمجاهيل- صحيح ثابت، وأعيذ بالله نساء غزة منه، حاشاهن الله وعافاهن ونساءَ المسلمين من ذلك. هبه كذلك، هل يجوز لك نقلُه وإشاعته وبثه ونشره؟ أم الواجب المتعين عليك وعلى غيرك الستر سيما في هذه الحال الشديدة التي هم فيها؟ أقول هذا تنزُّلا، وإلا فإن الكلام معلوم البطلان، ويكاد كل حرف منه ينادي على نفسه أنه إفك مختلَق. وأنا مع ذلك لا أدعي لأهل غزة رجالا ونساء العصمة من المعصية، وإن وقع شيء من ذلك من آحادهم فإنه لا يسلم بلد من بلاد الله منه، وهو بحمد الله نزر يسير في جنب الخير الكثير الغالب. الخامسة: لقد آذيتنا أيها الظالم لنفسه وآذيت كل مسلم بهذا الي قلته، وما كنا نرجو منك ومن مثلك نصرة ولا عونا، بل كنا نطمع في سكوتكم وصمتكم، فأبيتم إلا الانحياز إلى عدونا ومناصرته بالتصريح أو التلميح، وكنتم له لسانا وقلما ويدا ورجلا وعينا وأذنا، بل كان بعضكم أشد علينا والله منه، ولقد استحى الصهاينة أنفسهم من بعض ما