كأنثى لم أُرَبَّ قط على أن أتذمَّر من شُغلِ البيت، عُلِّمتُ أن احتياج غرفة المعيشة للكنس والتنظيف يعني أننا اجتمعْنا فيها: "اللهم أدِم هذا الجمع"، وترتيب غرف الصغار يعني أنهم في صحةٍ جيدة: "دومًا أصحاءَ يا رب"، وأن وِقفة المطبخ تعني أن عندَنا ما نطبخُه: "لا تقطع الخير منا آمين"، وامتلاء الحوض بالأطباق والأواني يعني أننا لم نبتْ جوعى: "الحمد لله؛ أدمها نعمةً واحفظها من الزوال"، وتنظيفَ غرفة استقبال الضيوف يعني أنَّ ضيفا شاركَنا الوقتَ واللقمة: "اللهم ازرعْ مزيدًا من حُبِّنا في قلوبِ خلقِك"، وهكذا؛ كل تعبٍ بإرجاعه إلى أصلِه هو تجلٍّ لنعمة.
كبنتٍ لامرأةٍ سليمةِ القلب تأخذ الحياةَ من وجهها الأجمل تعودتُ أن أُثمِّنَ ما عندي من النعم وأحمدَ الله عليها، تعلمتُ أن التنظيف خلفَ صغارِ البيتِ أمرٌ شاق، لكنه لن يكونَ أشقَّ عليَّ من مرضٍ يمنعُهم من صنع الفوضى، وأن وقفة المطبخ قد تؤلمُ الظهر، لكن عدمَ امتلاكِ ما أطبخه سيؤلم روحي، وأن وقفة حوض المطبخ قد تُتعب جسمي، لكن نظافة الأطباق والأواني ستؤلمُني إذا لم تُستخدم لأيام. تعلمتُ أن البيتَ الذي لا يحتاجُ تنظيفًا وشغلا هو البيتُ الذي ليس فيه الأنسُ واللمة، وأن إحدى جداتي كانت لا تتعب في تنظيف بيتها إلا مرة كل أسبوعين أو أكثر لأنها كانت تعيشُ وحيدة.
تثمينُ النعمِ أولى بالعبد الشكور من تعدادِ الأتعاب، ليس على امرأةٍ أن تضيقَ نفسها بشغل بيتها، وإنما يحدث أن تكلَّ صحتُها ولهذا ما يجبرُه؛ كالاستعانةِ بالله والذكر قبل النوم: "ألا أدلكِ على ما هو أفضل من خادم.."، وكتربيةِ صغار البيت وكباره على البرِّ والمرحمة فيساهمَ كل منهم في شغل البيت بسهم فتخف الأعباء. هذه هي الحلولُ الناجعةُ لثقلِ الشغل، أما التذمر منه وشتمُه وتعذيبُ الصغار به فجحود للنعمة لا يحلُّ ولا يستجلبُ إلا الفقر.
اللهم ألهمنا الحمدَ في كل وقتٍ وتابعْ علينا الخيرات.
شيماء سعيد.
#مبادرة_حراسة_الفضيلة