الموعظة بين القران والحسين (ع)
جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة :( أَنْتُمُ الصراط الْأَقْوَمُ )
القران موعظة الباري تعالى
تبحث النفس الانسانية عن ثلاثة امور مهمة جدا :
1- تبحث عن الطمأنينة من القلق
لان الانسان قلق جدا بشأن اموره الدنيوية ( تحصيل الرزق ، الصحة ، السكن ، الاسرة )
2- تبحث عن المعرفة
لان الانسان يحتاج معرفة الاجابة عن اسئلة ملحة عليه ( من اين وفي اين والى اين )
3- تبحث عن الاستقرار من التزلزل
التردد بين الحق والباطل.
س: يا ترى ما الشي الذي يلبي الطمأنية والمعرفة والاستقرار للنفس الانسانية؟
ج : لا تتوفر هذه الامور الا اذا كانت الروح الصافية والعقل الصافي اي الايمان العملي ( الحركي ) الذي يخرج الانسان من غفلته ، يخرجه من جو اللامبالاة ويضعه في اجواء تحمل المسؤولية ، وهذا الايمان العملي لا يفعل في النفس الانسانية الا بالموعظة لانها هي المحفز لروح صافية وعقل صافي .
تعريف الموعظة :
هي تذكير الانسان بالله ، التذكير المقترن برقة القلب .
التذكير : يحرك العقل ( ينبه من الغفلة ) = عقل صافي
رقة القلب : يحرك الروح ( يلامس الروح ) = روح صافية .
والقران الكريم موعظة الله تعالى للانسان (( يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))
الاية الكريمة تقول الامور الثلاثة التي يبحث عنها الانسان في الموعظة الالهية
1- (( شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ ))
تحصيل الطمأنية من القلق
2- (( وَ هُدىً ))
تحصيل جواب من اين وفي اين والى اين
3- (( وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))
تحصيل الاستقرار من التزلزل والتردد بين الحق والباطل
شاهد من الواعظ القرآنية في آيتين:
(( وصف الدنيا ))
هذه الدنيا مسرح كبير للتناقضات فيها
الفرح والحزن - اللقاء والفراق - الربح والخسارة - النجاح والفشل - الصحة والمرض - الحضر والسفر - السلام والحرب - التقدم والتراجع
في خضم هذه التناقضات الانسان يبذل كل ما بوسعه للهيمنة والرئاسة على ما يمكنه من مناصب ولذات وضمانات للسعادة في هذه الدنيا .
يأتي القران بموعظة ولا اروع ولا اجمل ولا ادق يقول للانسان كل هذه الدنيا وسعيك لها ماهي الا (( متاع الغرور )) (( وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور )) ، لماذا (( متاع )) و (( غرور )) اي يا انسان انك من بعيد تبدو لك اللذات المادية وگانها خالصة من كل شائبة وخاية من كل ما يكدرها ، ولكن بمجرد ان تقترب منها تجدها ممزوجة بكل الوان العناء والعذاب فلا تنخدع لابسط سبب وهو انك وان حصلت على كل ما تحب من لذات تذكر انك مفارقها (( كل نفس ذائقة الموت )) .
فلا الدنيا بباقية لحيٍ
ولا حيٍ على الدنيا بباقِ
شاهد :
امير المؤمنين (ع) وهو يرجع من صفين لما أشرف على القبور بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ: يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لَاحِقٌ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَأَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِى الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ.
الحسين (ع) موعظة للاجيال
ها هو الحسين (ع) في كل سكناته وحركاته موعظة للناس ، وقد صرح بهذا يوم العاشر من المحرم (( أيّها الناس اسمعوا قولي، ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حق لكم عليَّ )).
فكان (ع) واعظا لاصحابه وحتى لاعداءه على حد سواء لانه وارث جده محمد (ص) (( وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ))
شاهد : لقاء الامام (ع) مع عمر بن سعد
عند اللقاء قال له الامام (ع) واعظا له :
ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي، فإنه أقرب لك من الله .
فقال له عمر: أخاف أن تهدم داري.
فقال الحسين (ع): أنا أبنيها لك .
فقال عمر: أخاف أن تؤخذ ضيعتي.
فقال (ع): أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز .
فقال: لي عيال أخاف عليهم.
فقال: أنا أضمن سلامتهم.
ثم سكت - عمر بن سعد - فلم يجبه عن ذلك، فانصرف عنه الحسين (ع)وهو يقول:
مالك، ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك، فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا .
فقال له عمر - مستهزئا -: يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البر، ثم رجع عمر إلى معسكره.
شاهد : الحسين (ع) موعظة الى آخر لحظة
برير بن خضير قال للامام الحسين :يا ابن رسول الله ائذن لي أن آتي عمر بن سعد فأعظه لعله يتعظ ويرتدع عما هو عليه.
فقال الحسين: (ذاك إليك يا برير)
فذهب إليه حتى دخل على خيمته فجلس ولم يسلم فغضب عمر وقال :
(يا أخا همدان ما منعك من السلام عليَّ ألست مسلماً أعرف الله ورسوله, وأشهد بشهادة الحق)؟