★
🔴👤#عبدالباري_عطوان...
✒★
➖ لماذا انتَصر “الإسلام السّياسي” في أفغانستان وإيران وانهزم في المغرب والعديد من دول المشرق العربي؟ وهل كان “التطبيع” أو “أم الكبائر” هو الذي أطاح بحزب العدالة والتنمية وكُل من يسير على نهجه؟ وكيف لا نَستبعِد مرحلةً وشيكةً من المُراجعات السياسيّة والاجتماعيّة؟
https://t.center/Abdelbari_Atwan
بينما يُحَقِّق الإسلام السياسي المُمَثَّل في “حركة طالبان” الأفغانيّة انتِصارًا كبيرًا، ويُلحِق هزيمةً كُبرى بالولايات المتحدة، القُوّة الأعظم في العالم، يتلقّى آخِر أحزاب الإسلام السياسي في السّلطة في المنطقة العربيّة، والمملكة المغربيّة على وجه التّحديد، هزيمةً كُبرى مُهينة في الانتِخابات البرلمانيّة الأخيرة، لم تقتصر على إخراجه من الحُكم فقط، وإنّما نقلته أيضًا من المرتبة الأُولى إلى المرتبة الثّامنة (12 مقعدًا فقط) في ذيل خريطة الأحزاب السياسيّة.
لن نبحث في هذه الافتتاحيّة في الأسباب المحليّة والتنظيميّة التي تَقِف خلف هذه الهزيمة، فهذا نَترُكه للمُحلّلين المغاربة، وسنُرَكِّز فقط على العناوين الرئيسيّة، وأبرزها انجِرار الحزب وقِيادته المُمثَّلة بالسيّد سعد الدين العثماني إلى مِصيَدة التّطبيع التي نصَبتها له بذَكاءٍ كبير الدّولة المغربيّة العميقة، لتَدمير شعبيّته وحَرفِه عن ثوابته الإسلاميّة، وتراجعه عن كُل وعوده للقاعدة الشعبيّة الواسعة والغالبيّة المسحوقة فيها، وهو مفتوح العينين.
التّطبيع مع دولة الاحتِلال، وتوقيع السيّد العثماني شخصيًّا بصفته رئيسًا للحُكومة، ورئيسًا لحزب العدالة والتنمية، على اتّفاق “سلام أبراهام”، كان انقِلابًا على ثوابت الحزب وهُويّته الوطنيّة، وإرثه السّياسي العميق، وتخلّيه عن قاعدته الشعبيّة المسحوقة ومطالبها العادلة في المُساواة والعدالة الاجتماعيّة، ولُقمَة العيش المغموسة بالكرامة، فجاء العِقاب صاعِقًا، والصّفعة قويّة مُؤلمة.
كان من المُفترض أن تستوعب قيادة الحزب رسالة الدّولة العميقة (المخزن) التي تمثّلت بما يُسَمَّى “البلوكاج” بعد انتِخابات عام 2016، وتنسحب من السّلطة، تضامُنًا مع زعيمها عبد الإله بن كيران، الذي نختلف معه في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” في العديد من طُروحاته، تقليصًا للخسائر، ولكنّها لم تفعل، واختارت السيّد العثماني “المُهادِن” الطّامح للكرسي للبقاء في الحُكم على أمل مُضاعفة المكاسب، وتقليص الخسائر، ولكنّها مُنِيَت بفَشلٍ كبير على الصُّعُد كافّة، وعرّضت الحزب ومُؤسَّساته لضربةٍ قاضية قد لا يَخرُج من آثارها الصّادمة لعُقودٍ طويلة.
الدّولة المغربيّة العميقة استَطاعت بدهائها، وغباء خُصومها، أن تُضعِف أكبر حزبين في المغرب، الأوّل هو الاتّحاد الاشتراكي (يساري)، والثّاني حزب العدالة والتنمية (إسلامي)، والطُّعم هو كُرسي الحُكومة، وغباء بعض القِيادات وقِصَرِ نظرها.
حركة طالبان الإسلاميّة انتصرت لأنّها وقفت في الخندق المُضاد للولايات المتحدة واحتِلالها للأرض الأفغانيّة، وكان النّصر الباهِر المُشَرِّف حليفها، أمّا حزب العدالة والتنمية فوقف في الخندق الأمريكي، مِثل مُعظم أحزاب الإسلام السياسي العربيّة (السنيّة) فخَسِرَ قاعدته، وشعبيّته، وهُويّته الوطنيّة، وانتقل إلى عالم النّسيان.
هذه الهزيمة الكُبرى، والمُهينة، هي الدّرس الأبلغ لأحزاب الإسلام السياسي العربيّة، الذي يجب أن يدفعها لإجراء مُراجعات سياسيّة وحزبيّة وأخلاقيّة جذريّة، إذا أرادت استِعادة شعبيّتها ودورها في المُجتمعات العربيّة والإسلاميّة، بعيدًا عن التعصّب الطّائفي أو العِرقي والارتِهان للقِوى الغربيّة الاستِعماريّة.
لا نُريد أن نَرُشّ المزيد من المِلح على الجُروح المُلتهبة، ونُسَمِّي الأسماء، لأنّنا نُؤمِن بالتّنافس المشروع القائم على احتِرام الرأي الآخر، لكُلّ الآراء والتوجّهات والأفكار السياسيّة في جوٍّ صحّي، وعلى أرضيّة الثّوابت الوطنيّة وعلى رأسها مُحاربة الاستِعمار والفساد والانحِياز للفِئات المسحوقة وعدم الارتِهان للقِوى الخارجيّة التي تُريد تفكيك هذه الأُمّة، ونهب ثرواتها، وإغراقِها في الحُروب الأهليّة.
بخُروج حزب العدالة والتنمية المغربي من الحُكم مُهانًا مُطَأطَأ الرّأس، وعبر صناديق الاقتِراع، وليس بانقلابٍ عسكريّ، يُؤرِّخ لبداية النّهاية لمرحلة حُكم الإسلام السياسي المُباشر، أو غير المُباشر (تونس) في الوطن العربيّ، ولأسبابٍ عديدةٍ ليس هذا مكان مُناقشتها، والعُنوان الأبرز هو إثم الوقوف في الخندق الأمريكيّ واسألوا طالبان، وكُل فصائل ودول محور المُقاومة، والشّهور والسّنوات المُقبلة حافِلةٌ بالمُفاجآت.. واللُه أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
📰 قناة مقالات/ عبدالباري عطوان
✒️
قناة تختص بنشر مقالات الكاتب والمحلل السياسي عبدالباري عطوان رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم
*لمتابعة القناة على التيليجرام أشترك عبر الرابط..
🔻*
@Abdelbari_Atwan
https://t.center/Abdelbari_Atwan