في ثقافة الكتاب والعترة: عصمةُ العقيلةِ "زينب" أعلى رُتبةً مِن عصمةِ الأنبياء♡
:
فلنتأمّل سويّاً في هذهِ الكلمة المعروفة لإمامِنا السجّاد "صلواتُ اللهِ عليه" في حقِّ مولاتنِا زينب الكبرى "صلواتُ اللهِ عليها" حين يُخاطِبُها الإمام ويقول:
(وأنتِ بحمدِ اللهِ عالمةٌ غيرُ مُعلَّمة، فَهِمَةٌ غيرُ مُفهَّمة)كلمةٌ عميقةٌ جدَّاً.. تُشيرُ في فحواها ومضمونِها إلى جانبٍ مِن جوانبِ عظمةِ وعلوِّ المقامِ الزيني
هذهِ الكلمةُ العميقة لإمامِنا السجّاد لن نَستطيعَ سَبْرَ شيءٍ مِن أغوارِها إلّا بالتأمُّل في آياتِ القرآن التي اشتملتْ على هذين التعبيرين الواردين في كلماتِ إمامِنا السّجاد: أعني مُصطلحي
(التعليم والتفهيم)فإذاً رجعنا مثلاً إلى الآيتين (78 و79) مِن سُورة الأنبياء، قولهِ عزّ وجلّ:
{وداودُ وسُليمانُ إذ يحكُمانِ في الحرثِ إذ نفشتْ فيه غنمُ القوم وكُنّا لحكمهم شاهدين* ففهّمناها سُليمان وكُلًّا آتينا حكمًا وعلمًا..}هاتانِ الآيتانِ تتحدّثانِ عن نبيَّينِ مِن الأنبياء هُما: (داوود وسُليمان) والباري تعالى يقولُ في حَقِّ نبيّهِ سُليمان:
{فَفَهَّمناها سُلَيمان..}• هُنا سُؤالٌ يطرحُ :كيف يكونُ التفهيمُ للأنبياء..؟ونقول:
أنّ الرواياتِ الشريفةَ تُخبرنا بأنَّ تَفهيمَ الأنبياءِ يكونُ إمَّا عن طريقِ المَلَكِ بشكلٍ مُباشر، أوعن طريقِ الملَك أيضاً ولكن بشكلٍ غيرِ مُباشر: (كالعِلْمِ الَّلدنّي الإلهامي، أو النكت في القلوب)
فهذهِ الطُرُق تكونُ عن طريقِ الملائكة.. فالأنبياء يُفهَّمونَ بِطُرُقٍ مُختلفة عن طريقِ الملائكة..
(والحديثُ هُنا قطعاً عن سائرِ الأنبياء وليسَ عن نبيّنا الأعظم وآله الأطهار)
الآن.. لِنُدقّقْ سويّاً في كلمةِ إمامِنا السجّاد "صلواتُ الله عليه" حين يقول:
(وأنتِ يا عمَّة بحمدِ اللهِ عالمةٌ غيرُ مُعلَّمة، فَهِمَةٌ غيرُ مُفهَّمة)فالإمام استخدمَ هنا في كلامِهِ نفس المُصطلح القرآني: (التفهيم) الذي جاء في قولهِ تعالى: {
فَفهّمناها سُليمان}
والإمام هو القرآن الناطق.. فلا يُوجَد اختلافٌ بين منطقِ المعصومِ ومنطقِ القرآن، المعصومُ هو تُرجمانُ القرآن.
فهذا الخِطابُ مِن إمامِنا السجّاد لِعمّتِهِ العقيلة يُشيرُ إلى عظمةِ مقامِ مولاتِنا زينب الكبرى صلواتُ اللهِ عليها.. وأنَّها في عِصمتِها أعلى رُتبةً مِن الأنبياء،
والسبب:
لأنَّ العِصمةَ في حقيقتِها إذا رددناها إلى أُصولِها، فمَرَدُّها إلى العِلْم
فالأئمةُ صلواتُ اللهِ عليهم معصومون؛ لأنَّهم يعلمونَ حقائقِ الأُمور ويعلمونَ حقائقِ المعاصي والذنوب فلا يرتكبونها لِعلْمِهم بحقائقها
ولذا كانتْ عِصمةُ العقيلةِ أعلى رُتبةً مِن عِصمةِ الأنبياء؛ لأنَّ عِلْم العقيلةِ أرقى رُتبةً مِن عِلْم الأنبياء.. فالعقيلةُ بِحَسَبِ كلامِ إمامِنا السجّاد عالمةٌ غيرُ مُعلّمة وفَهِمةٌ غيرُ مُفهّمة
وهذهِ الحقيقة تتّضحُ أكثر حين نتأمّل في مِثالٍ قرآنيٍّ آخر في آياتِ القرآن
على سبيل المثال:
قولهِ تعالى:
{وعلَّم آدم الأسماء كُلَها ثُمَ عَرَضهم على الملائكة}الآية هُنا تُصرّحُ بوضوحٍ بأنّ النبيَّ آدم يُعلَّم
{وعَلَّمَ آدمَ الأسماء}والنبيُّ سُليمان يُفَهَّم
{فَفهّمناها سُليمان}أمّا مقامُ العقيلة زينب فهو مقامٌ لا تُدرِكُهُ العُقول.. فهي في مَرتبةٍ تلي مَرتبة المعصومين مُباشرة.. كما نُخاطِبُها في زيارتها الشريفة ونقول:
(السلام عليكِ يا تالي المَعصوم)فهي تالي المعصوم في المقامِ والمنزلة..
ولِذلك فإنَّ عِصمتَها أعلى شأناً من عِصمةِ الأنبياء ولكنّها دُون عِصمةِ الأئمةِ الأربعة عشر.. يعني عِصمتُها عِصمةٌ برزخيّةٌ تقعُ ما بين عِصمةِ المعصومين الأربعةَ عشر وبين عِصمةِ الأنبياء الذين هُم شِيعةٌ لأهلِ البيتِ في المراتب العالية
والحال هو هو في عِصمةِ أبي الفضل العبّاس وعِصمة السيّدة المعصومة وعِصمة عليّ الأكبر..
فهؤلاء الأطهار "صلواتُ اللهِ عليهم" عِصمَتُهم أعلى رُتبةً مِن عِصمةِ الأنبياء ولكنّها دُون عِصمةِ الأئمةِ المعصومين الأطهار الأربعةَ عشر "صلواتُ اللهِ عليهم".
➖➖➖➖➖➖#زين_ابيها #ام_اخيها 💙#متباركين