🕋 مكّة ٣٠!
✍ كتب:
#مصطفى_عامر (الجزء الأوّل)
حمدًا لله على السلامة، كيف كانت رحلتك؟
حسنًا، كانت متعبةً بعض الشيء، هذه أوّل مرة أسافر فيها عبر الزّمن!
لا عليك! الطريق عبر الزّمن مليئةٌ بالمطبات والحُفر! المهم، ما أخبار ديسمبر ٢٣م؟ كيف البرد؟ وما أخبار الناس؟
الحمدلله! ٨٤ يومًا من طوفان الأقصى! المجاهدون يفتكون بجنود الكيان القذر، باب المندب مُغلقٌ على سفن الكيان، المقاومة بخير والعدو ينهار، الأطفال في غزة يذهبون إلى الجنّة، والمقاوتة في صنعاء سيذهبون- غالبًا- إلى النار!
ولكن، ماذا عن أخباركم أنتم؟ فأنا بالتأكيد لم أتكبّد عناء الرحلة عبر الزمان لإخبارك عن مقاوتة صنعاء!!
ههههه! حسنًا! تنتهي طوفان الأقصى بهزيمةٍ مذلّةٍ لليهود، يُعثر على جالانت مرميًّا جيفةً هامدةً في حاويةٍ للزبل! قالت الأخبار الرّسمية وقتها أنه انتحر، فيما تسري الشائعات أنّه مات مقتولًا!
ثمّة إجماع شعبي ورسمي، على أيّة حال، أنّه يتعفّن حاليًا في الجحيم! أمّا نتنياهو فإنه قد اختفى حينها في ظروفٍ غامضة، وقالت بعض التقارير أنّه شوهد بعد عدة سنوات خارجًا من إحدى حانات مكّة، مترنّحًا!
مكّة؟
هل تمزح؟
هل تقصد لاس فيغاس؟
هههه! حسنًا، لا تثريب عليك! نحن على مشارف ٢٠٣٠م يا صاح! مكة تعجّ الآن بالحانات وصالات القِمار وأصحاب الرّايات الحمراء! هل ترى ناطحة السحاب تلك، على مشارف أبي قبيس؟
نعم، ما بها؟
هذه دار الندوة! ولإنعاش السياحة، وللتقريب بين الأديان أيضًا، فقد استقدمنا تماثيل من كل الأديان والملل والطوائف والنّحَل، من شيفا إلى بقية تماثيل الهندوس، ومن بوذا إلى تماثيل حضارة المايا، أنظر هناك، هل ترى ذلك التمثال؟
هذا تمثال بافوميت، مخصص لعبدة الشيطان!
تعرف؟ لقد عّهِدنا بمشروع تطوير الكعبة إلى مهندسٍ بارع للغاية، يُدعى عمرو بن لحي!
عمرو بن لُحي؟
أليس هذا أول من أدخل عبادة الأصنام إلى أرض العرب؟
هههه، لقد خلطت بين الرجلين! أنت تتحدث عن عمرو بن لحي الأول لعنه الله! أما أنا فأتحدث عن المهندس البارع عمرو بن لحي الثامن عشر، لله درّه!
ثم أنني قد أخبرتك، لقد أصبحت الكعبة ٢٠٣٠م جامعةً لكلّ الأديان، من المؤمنين بالله وحتى عبدة الشيطان!
حسنًا، وما الذي أتى بنتنياهو إلى مكة؟
انتظر! هل تشاهد ذلك المبنى؟
أي مبنى؟ هل تقصد المبنى الكبير الذي تعلوه رايةٌ برتقاليةٌ عملاقة؟
نعم، بالضّبط! هذه دار الإمارة!
أي إمارة! لا تمزح! أين العلم السعودي إذن؟!
هل أنت أعمى! إنه يرفرف فوقها! أنظر!!
مرةً أخرى أسألك أين العلم السعودي، الأخضر! ها؟ الأخضر؟ هل فهمتني الآن؟!!
هههه، تقصد العلم القديم؟ حسنًا، لقد استبدلنا بالعلم القديم الأخضر علمًا جديدًا، واخترنا اللون البرتقالي للتعبير عن عصر الترفيه! ولأن كلمة التوحيد تتعارض مع عصر الانفتاح على كل الأديان والثقافات فقد محوناها من العلم!
علم السعودية الحالي مستطيل الشكل، عرضه ثلثيّ طوله، في أوسطه عبارة "مزمز ميرندا"، وتحتها قنينة!
أما شعار المملكة فخلخالٌ ذهبيٌّ مزركش، مكتوبٌ عليه: "رنة خلخالك يا وطني بتشحتف"!
أها.. يالَهُ من شعارٍ سيء!
سيء!! كيف تكتبها على هذا النحو! لقد أسقطت بعد السين ياءً كاملة! انتبه! في المرات اللاحقة فلتكتب "سيئ" على هذا النحو! هل فهمت؟!
ههههه! حسنًا، فهمت! ولكن لا تغضب! وما الضير في إسقاط الياء من كلمة "سيئ"، إذا كانت عبارة التوحيد "بجلالة قدرها!" قد سقطت من العلم؟!
على أيّة حالٍ لن أكرّر هذا الخطأ، دعنا من قواعد الإملاء وأخبرني:
ما الذي أتى بنتنياهو إلى مكة؟!
أها! تلك قصّةٌ طويلة، سأخبرك عنها فيما بعد، ولكن أخبرني: هل تملك نقودًا؟
نعم، في جيبي ٥٠٠ ريال، هل تكفي؟
ههههه، ريال! ألم تسمع شيئًا عن رؤية ٢٠٣٠! حقًا! ريااال! ههههه، عملتنا الحالية هي الشيكل!
لا حول ولا قوّة إلا بالله! وماذا أفعل بهذه النقود؟ ألفّها مثلًا وأضعها في ... محفظة تركي آل الشيخ؟!
هههه! لا تحزن! سأقرضك.. أنت على أية حال صديقٌ قديم! ما رأيك بزيارة متحف "مكة ٣٠"!
حسنًا، لا بأس! ولكن قبلها أخبرني:
ما الذي أتى بنتنياهو إلى مكة؟
أووه! لقد أخبرتك أنها قصّةٌ طويلة! لنذهب إلى المتحف أوّلًا، وسأخبرك عنها فيما بعد!
يقع متحف "مكة ٣٠" في شارع أبي الحكم عمرو بن هشام، وهو مبنىً ضخم على شكل نجمة سداسية، بواجهةٍ زجاجيّة ويعلوه قرنان، أمام المبنى بهوٌ واسع بأرضيّة رخاميّة زرقاء، في منتصف البهو تمثالٌ ذهبيٌّ ضخمٌ لفارسٍ قديم، ومكتوبٌ بخطّ الثُلث على قاعدة التمثال:
تخليدًا لذكرى البطل الهُمام أبي الحكم عمرو بن هشام (أبو جهل سابقًا)، في الذكرى ١٤٤٩ لاستشهاده مع ثلّةٍ من خيرة أبناء هذه البلدة، في معركة بدر، أوّل معركةٍ في مكافحة إرهاب مليشيات محمّد!
أمام بوابة المتحف تصادف أربعةً من رجال الشرطة بزيٍّ أزرق وبريهاتٍ زرقاء، لحاهم طويلةٌ وعيونهم أيضًا زرقاء، وعلى أكتافهم نجومٌ سداسيّة الشٌكل مذهّبة اللون، وبالكاد يتحدّثون العربيّة!