🌐 إطلالة على خطاب السيد القائد.. (ليس لدينا مشكلة مع الجمهورية)
http://alforgan.net/articals/1792✍🏻 #محمد_القعميالمشكلة في واقع البعض من الناس، هي في طريقة التعامل والنظرة التي ينظر بها، والتي يتعامل بها مع ما حوله، والتي أحياناً أو في أكثر الأحيان، لا تكون مضبوطة بضوابط الدين، ولا بضوابط الأخلاق، بالرغم من انتمائه الديني، انتمائه للإسلام الذي قال نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف الدين بجملة مختصرة: (الدين المعاملة).
والذين يتحدثون عن عنوان (الجمهورية) الغريب أنه يقدم نفسه في موقع المدافع؛ بينما تجده مرتميًا في أحضان الملكية، وفي صف المعتدين على الجمهورية، يعني مع النقيض لهذا المفهوم وهذا العنوان، وهذه من المفارقات العجيبة التي تكشف حالة التيه والضياع الذي يعيشه البعض من أبناء بلدنا للأسف، والذي لا يريد من الجمهورية إلا عنواناً للمزايدة، ولفظا للاستهلاك الإعلامي.
ولعله يرى في هذا العنوان أنه حكراً على فئة معينة، وملكية خاصة، أو أن الجمهورية هي ذلك الفريق من الناس الذين يعتبرهم هم الجمهورية، وهم الوطن، وهم الشعب، لذلك لا يرى أن الواقع الذي هو عليه في الاصطفاف مع العدوان والحصار المفروض على وطنه وشعبه، وفي تسخير نفسه لخدمة قوى الغزو والاحتلال؛ هو لا يرى أن هذا الواقع قد نسف مفهوم الجمهورية نسفا، وتركها قاعا صفصفا.
وهنا مكمن الخلل؛ لأن مستوى الوعي لديه متدني إلى أبعد الحدود، من المفترض أن الجمهورية هي التي تقف في وجه العدوان على الوطن والشعب، وترفض حصار بلد وشعب بأكمله، ولا تقوم بإجراءات نقل معاملات البنك المركزي، وتقطع مرتبات الموظفين، ولا تمنح الغازي ثروات وطنها وشعبها، وتحمله على سفن الغزاة والمحتلين، وتضعه في بنوكهم، وتترك لشعبها الآلام والمعاناة والحرمان، والجمهورية لا تتخندق في خندق الغازي والمحتل والمعتدي، ولا تقبع في فنادقه، والجمهورية لا يعين رئيسها وحكومتها ملك ولا ولي عهد البلد الذي يتصدر العدوان، فهناك حالة من عدم الوعي، وغياب التعقل، وفقدان الإنصاف، وسيطرة حالة التعصب الأعمى، ومشاعر الكراهية المذؤمة دينا وأخلاقا.
لكن تعال لمنطق العقل والحق والحكمة، لنرى كيف ينظر لهذا الموضوع حيث تكلم السيد يحفظه الله عن هذا الاسم وهذا المصطلح بقوله: (ليس لدينا مشكلة مع الجمهورية، نحن نريد الجمهورية أن تجسِّد الانتماء الأصيل الإيماني للشعب اليمني، وهويته الإيمانية، وأن تحقق تطلعات وآمال هذا الشعب في الحريَّة، والاستقلال، والعدالة، والعيش الكريم، هذا ما نريده من الجمهورية، ليس عندنا مشكلة لا من هذا المصطلح، ولا من هذا الاسم، نحن نريده أن يكون على هذا النحو: يجسِّد انتماء هذا الشعب الإيماني، يحقق تطلعات وآمال هذا الشعب في الحرية، والاستقلال، والعدالة، والعيش الكريم، وهذا ما نسعى له بالتحديد، فمن يعتبر هذا التوجه أنَّه يمثِّل مشكلة، فذلك إدانةً له هو؛ لأن هذا يوضِّح أنَّ لديه مفهوم سلبي عن الجمهورية، ويريد من الجميع أن يتجهوا وفق مفهومه السلبي والمتناقض مع ما ذكرنا، فلا داعي لهذا).
هكذا لابد أن تكون الجمهورية، ليست للمزايدات، ولا للمهاترات، ولا للاستهلاك الإعلامي، فلا مشكلة مع هذا الاسم كما تحدث السيد عبدالملك -حفظه الله- في عشية ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهذه هي النظرة الواعية إلى الكثير من المسائل المشابهة، وهكذا هي نظرة القرآن الكريم، لا تتوقف عند العناوين والمصطلحات، بل تنفذ إلى العمق والمضمون.
وقد قدم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم نموذج ملكي في مضمونه الحكيم والعادل والمستقيم والصالح وغير المستكبر، متمثلاً في ملك مصر الذي كان في زمن نبي الله يوسف عليه السلام، وأيضاً قدم نموذج ملكي مغاير على النقيض تماماً، قدمه في مضمونه الفاسد والمستكبر، وهو المتمثل في فرعون مصر في زمن نبي الله موسى عليه السلام، لنفهم ونعي ونتعلم من خلال هذه النظرة القرآنية، ونقيس بهذا المقياس الإلهي، فالقرآن لم يحكم على العنوان، ولكن على المضمون، على الواقع والفعل، وهذا ما أراده السيد يحفظه الله بقوله: (ليس لدينا مشكلة مع الجمهورية، نحن نريد الجمهورية أن تجسِّد الانتماء الأصيل الإيماني للشعب اليمني، وهويته الإيمانية، وأن تحقق تطلعات وآمال هذا الشعب في الحريَّة، والاستقلال، والعدالة، والعيش الكريم، هذا ما نريده من الجمهورية).
وحتى في مصطلح واسم إمام وأئمة نجد القرآن الكريم، لا ينظر تلك النظرة القاصرة، ولا يريد أن نكون في نظرتنا على ذلك النحو الذي يريده ذلك البعض في نظرته للجمهورية، وتأمل كيف قال الله سبحانه وتعالى عن فرعون ومن على شاكلته: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١) [سورة القصص].