حُسْنُ الخاتمة!
روى مسلمٌ في صحيحه من حديث ابن عبَّاسٍ: كان رجلٌ واقفاً مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعرفة، فوقع عن راحلته فانكسرتْ عنقه فمات، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماءٍ وسِدر، وكفِّنوه في ثوبين، ولا تُحنطوه/ لا تضعوا له طيباً، ولا تُخمروا/ تغطوا رأسه، فإنه يُبعثُ يوم القيامة ملبياً!
ما زلنا كل فترة نسمعُ عن إنسان ماتَ ساجداً، وآخر ماتَ صائماً، وثالث تصدَّق على فقير ثمَّ خرَّ ميتاً، هذه ليست مصادفة، هذه مكافأة نهاية الخدمة، فمن عاشَ على شيئٍ ماتَ عليه.
على أنه يجب أن يُعلم أن حسن الخاتمة ليس مقصوراً في أن يموت الإنسان ساجداً، أو صائماً، أو متصدقاً، أو محرماً في الحج. وإنما حسن الخاتمة أن يأتيك الموت ولم تترك صلاةً، ولم تُفرط بصيام، ولم تبخل بزكاة أو صدقة، ولم تُؤجل الحج رغم استطاعتك، فمن ماتَ مقيماً
لأمر الله فهذه حُسن الخاتمة!
حُسن الخاتمة أن يأتيك الموت وليس لأحدٍ عندك حق، لم تسلبْ مالاً، ولم تأكل ميراث إخوتك، ولا تخض في أعراض الناس، ولم تأكل لحومهم بالغيبة!
حُسن الخاتمة أن يأتيك الموت وقد أمنَ منك جيرانك، ولِنتَ بلسانك وقلبك لزملائك، وخفضتَ جناح الذل لوالديك، وبادرتَ بالصلة أقاربك، وعاملتَ بالإحسان زوجتكَ، وربيتَ على الدين أولادك!
حُسن الخاتمة ليس كيف متَّ وإنما كيف عشتَ!
أبو بكر ماتَ على فراشه ولكنه نال حسن الخاتمة
وعمر مات مطعوناً ونال حسن الخاتمة
وعثمان ماتَ مذبوحاً ونال حسن الخاتمة
وعليُّ ماتَ اغتيالاً ونال حسن الخاتمة
وأبو عبيدة ماتَ بالطاعون ونال حسن الخاتمة
وخالد بن الوليد نجا من كل المعارك ومات على فراشه ولكنه نال حسن الخاتمة
حسن الخاتمة ليس أن تموت في سبيل الله فقط بل أن تعيش في سبيل الله أيضاً!
وما أدراك أن الذي مات في حادث سير كان وقتها يُسبَّح، والذي مات بسكتةٍ قلبية كان وقتها ذاهباً بصدقة إلى فقير، لا توزعوا الناس على الجنة والنار وسلوا الله حُسن الخاتمة!
أدهم شرقاوي