View in Telegram
أَثَر_Relic
وَبعْد أن قرَّرتَ مُواجَهة العالِمِ ثانيةً تَخرجُ مِن عتبةِ داركَ ولستَ تدرِي أيمكنكَ مجابهةُ الشَّوارعِ والذَّكريات!، تبدأُ فِي الحَبو كما لو أنَّك طفلٌ لم يعْتاد عَلى المشِي بثقةٍ بعْد تحبُو ونظراتكَ تُطالِع مدينتكَ المنكُوبة المُتعبة ذاتُ الأمَاكن، ذاتُ المبانِي، ذاتُ الأوجاع تئنُّ بِها الجُدران، حتّى الذّكريات لازَالت هَا هُنا، ما تغيَّر . . أنتَ ونظراتكَ وأثرُ الذّكرياتِ، ما تَستذكرهُ يثيرُ فيكَ انقباضُ قلبك، ألمٌ يعترِي صدْرك، وحرقةٌ تتربَّص فِي حُنجرتك، تفتِّش عَن شعورٍ قَديم، تبحثُ بين العرباتِ المارّة والعالمينَ السائِرة عن وجهٍ تألفهُ، وذكرَى أثَرها مفرحٌ غيْر مُوجع، لكنَّك لا ترَى! تمسحُ عينيكَ لعلَّه غُبارُ الأرَق علقَ بجِفنيك تطردُ أفكاركَ وتكملُ حبوكَ وأنتَ تحدُّثُ نفسكَ أنَّ العيْب . . كلُّ العيْب فيكَ وأنَّ النَّقصَ يعترِيك، تسْمعهم يخاطبونَك . . يَنعتوكَ بمسكينٍ وغريْب وآخرٌ باتَ لقبكَ عندهُ "بكَّاء" ما عرفُوا أنَّك تُهتَ وما كُنتَ تدرِي بأنَّ الخُبث قوتَ نواياهُم ما علمُوا أنَّك ترثِي صمتكَ، وأنَّ دمعكَ كانَ حُرقَة لكلِّ مَن ماتَ باسمِ الحَرب، لكنَّك وحدُك تدركَ ما الّذي غيّرك أيُّ الأحدَاث بدّلتك، أيُّ الأوجَاع تركُوها فيْك، رُبَّما هُم لم يلمحُوا سِوى نظراتكَ وكلماتكَ، أمَّا أنتَ . . لم تعد أنتْ ريبتكَ وشكّك تناظرُ كلّ الأعين الّتي تَراها الخوفُ مِن النَّوايا الرُّعبُ مِن الكلمات المُنَّمقة بالرّياء والأمانُ الّذي منحتهُ لعابرٍ إلى قلبكَ باتَ خُذلانه مانعاً من أن تُحسِن لعابرِ سبيلٍ، رُبّما لم تعُد تَعرفك لكنَّني هَا أنَا أقُولها لك إنَّني أعرِفك وأقولُ ملءَ قلبِي لفؤادِك العيبُ لم يكن فيْك ومَا مِن أحد يعرِفك سِواك وأنَّك وحدكَ تستحقُّ السيّر فِي دروبٍ تُشبهك أنتَ لا غَيرك ومَا مِن ثغرةٍ لقلَّةِ حِيلتك تجَاه شَتاتك سوى انعزالكَ عن العالمِ والعَالمين، يكفِي أنَّك نجَوت رغمَ كلّ الشُّروخ الّتي أصابتكَ يكفِي أنَّك لم تَمُت بطلقةٍ سمحَت لهَم أن يطلقُوها عليكَ بِسلاحك!، وإِن لم يكفيكَ جلّ ما ذَكرته تذكَّر أنّك مازلتَ قادِرٌ على حياكةِ حروفُ الرِّثاءِ حروفٌ تُرثِي بِها كلُّ أوجاعَك!. فاطِمَة مكتبي
Share
Telegram Center
Channel
Join