هل يعقل أن يكون بعض كفار قريش أعقل منا وأرحم منا؟!
حاصر الكفار المسلمين ثلاث سنوات في شِعب أبي طالب ومنعوا عنهم الطعام حتى بلغ الجهد منهم مبلغا فصاروا يأكلون أوراق الشجر من شدة الجوع.
بعد كل هذا الصبر وهذا الجهد وهذا البلاء انتفض نفر من عقلاء قريش وقراروا إنهاء هذا الوضع الظالم.
جاء في البداية والنهاية أن هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث كان ذا شرف في قومه ، وأنه قال لزهير بن أبي أميه:
" يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟
أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا .
قال زهير:
ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها.
قال: قد وجدت رجلا.
قال: من هو؟
قال: أنا .
قال له زهير: أبغنا ثالثا.
فذهب إلى المطعم بن عدي فقال له:
يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه ؟! أما والله، لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا.
قال: ويحك! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد.
قال: قد وجدت لك ثانيا. قال: من؟ قال: أنا.
قال: أبغنا ثالثا.
قال : قد فعلت. قال: من هو ؟ قال: زهير بن أبي أمية.
قال: أبغنا رابعا.
فذهب إلى أبي البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي فقال: وهل تجد أحدا يعين على هذا؟
قال: نعم . قال: من هو؟
قال: زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك .
قال: أبغنا خامسا. فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم ، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟
قال: نعم، ثم سمى القوم ، فأجمعو أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها .
وقال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس، فقال:
يا أهل مكة، أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يبتاعون ولا يبتاع منهم؟
والله، لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
قال أبو جهل: وكان في ناحية المسجد: كذبت، والله لا تشق.
قال زمعة بن الأسو : أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حيث كتبت.
قال أبو البختري: صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به.
قال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها.
قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.
قال أبو جهل: هذا أمر قد قضي بليل.
وقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها ، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا " باسمك اللهم "
العقلاء من الكفار رفضوا الظلم الذي يتعرض له المسلمون فماذا عنا نحن المسلمون ونحن أمة واحدة؟
#أمة_واحدة
#نصرة_لغزة_ومعذرة_إلى_ربكم