يا صاحبي، إنَّ من أشدَّ أنواع الابتلاء شخص يعيشُ في داخلكَ وهو ليس لكَ، وأنتَ عالقٌ في المنتصف لا تستطيعُ أن تستمر ولا تستطيعُ أن تتوقف..
تتمسكُ به أحياناً بكل ما فيك من قوة، كأنكَ غريقٌ مُدَّتْ إليه يدٌ وهو في الرمقِ الأخير، وتقرر أن تُفلتَ يدكَ أحياناً لأنكَ تعرفُ أن الذين عليه انتشالهم يأتون قبلكَ، فلا أنتَ بالممسكِ ولا بالمُفلتِ، عالقٌ في المنتصف، تخشى على نفسكَ من الاستمرار معه، وتخشى على نفسك أكثر من الاستمرار بدونه..
تمرُّ بكَ لحظاتٌ تعرفُ أنه أقرب إليك من جلدكَ، وتمرُّ لحظات أخرى تشعرُ أنكَ في كوكبٍ وهو في كوكب آخر لكثرة ما بينكما من عبادٍ وبلاد..
صديقتي العزيزة نانا.. أنتِ لا تُدركين بعد كم أنتِ جميلة، ربما لأن أحداً لم يُخبرْك بهذا من قبل بشكلٍ يجعلك تُصدّقينه، وربما لأن الفرصة لم تُتح لكِ حتى تعرفي هذا بنفسك..
إنكِ خائفةٌ وترتجفين، لا تُريدين أن تفشلي مرةً أخرى، وتقولين أنّ هذا سيجعل الوضع أسوأ، لكن هل تعرفين ما كنتُ أشعرُ به عندما قلتِ ذلك؟ أنكِ حتى إن فشلتِ ستظلين نانا الجميلة، قيمتُك لن تنقص، والإنسان الذي هو أنتِ لن يكون شيئاً آخر، ما أريدُك أن تفعليه هو ألا تخافي، وأن تبذلي جهدكِ للنجاح لكي تكوني أسعد، لكي تخرجي من شرنقتك إلى الدنيا الواسعة، لكي تنظري إلى السماء وأنتِ مملوءةٌ بالأمل كونك فعلتِ ما عليكِ فعله، ولكي تتجاوزي كل ما يجعلك غير راضية عن نفسك
تعتقدين أنك لم تفلحي في شيء، قلتِ لي: "اشتريتُ كتباً بحماس ولم أقرأها، بدأتُ تدريباً للرياضة ولم أستمر، وحتى شغفي انطفأ"، قلتِها وأنتِ تضحكين وضحكتُ معك رغم ما كان في صوتك من مرارة، لكنني عندما أنظر إلى هذا كله أرى بنتاً رائعة حاولت أن تكون أفضل بغض النظر عن النتائج، وأؤمن أنك تمتلكين في قلبك شيئاً بوسعه أن يدفعكِ أبعد مما تتمنين
وبالرغم من هذا كله فهناك ما يستحق العيش، ربما عليكِ فقط أن تفتشي عنه، أن تبحثي عن الشيء الذي تودين كل يوم أن تستيقظي من أجله. الحياة امتحان وأعرف أن ما يليق بكِ هو أن تُبلي فيه جيّداً، لا يُمكننا يا نانا أن يكون كل ما نفعله بعد هزّات الحياة العنيفة هو أن نعيش في صدمة، ولا أن يكون كل ما نفعله تجاه الامتحانات التي نتوقعها هو أن نخاف ونرتجف ونعتقد بعدم قدرتنا على اجتيازها
عندما وُلدتِ لم تكوني مُزوّدةً بهذا الخوف والشك في إمكاناتك، هذه أشياء نكتسبها مع التقدم في العمر ومراكمة التجارب السيئة، وعلينا أن نتخلص منها أولًا بأول حتى لا تتحول الحياةُ إلى حبل يلتف حول أعناقنا ويخنقنا..
صديقتي العزيزة نانا؛ كل ما آملُه منكِ أن تُصرّي على التحلي بالقوة في مواجهة الأشياء التي تخيفك، أنا أيضًا أخاف، لكنني عندما يتجوّلُ الوحش خارج غرفتي المُغلقة أفتح الباب وأُطلُّ برأسي؛ في حذر أول الأمر، ثم أقول لنفسي: انظري؛ ليس من وحشٍ هنا! وأحيانًا أجدُ وحشاً، لكنني أجدُ معه نفسي مضطرةً لوضع خطة لطرده من بيتي، ويراني الله أحاول فيُساعدني، أما في الأيام التي أشعر به فيها ولا أجرؤ على فتح باب غرفتي فإن معاناتي تستمر طويلًا، وأضطر أن أفتح الباب مجبرةً أخيراً لأنه ما من أحد يستطيع أن يُغلق على نفسه باب غرفته ويعيش هناك إلى الأبد، وأكتشف أنه كان الأجدر بي فتحه منذ البداية دون أن أضيع كل هذا الوقت
صديقتي العزيزة نانا؛ الحياة لا تستمر على وتيرة واحدة، والخيارات التي نتخذها هي ما يُشكّلنا، وأنتِ عليك اختيار المواصلة وأعرف أن هذا هو اختيارك بالفعل لكن بدون طاقة حقيقية على تنفيذه، ما أودُّ منكِ فعله هو أن ترَي أيَّ فتاةٍ جميلةٍ هي أنتِ، أن تستيقظي كل يوم وتشعري بالغبطة على ملامحكِ الحلوة، على جمالك الهادئ والمريح، على ابتسامتكِ الرائعة، على مسرّات الحياة اليومية، على أحبابك وأصدقائك، على إيمانك وعافيتك، وعلى فرصِ الحياة التي ما زالت أمامك، وتستمدي من هذا كله الطاقة التي تلزمك للعيش بسلام
قلتِ لي ذات مرة أنّكِ تحبّين نوفمبر.. لا عجب فهو أول شهرٍ جئتِ به حين ولدتِ واليوم.. عاد نوفمبر.. عادت الفرصة استجمعي قوتكِ وعاطفتكِ الجميلة واستعيني بالله يا نانا لجعله كما تحبّين
سأدعو الله دائماً من أجل أن تجدي الطمأنينة والسرور والعاقبةَ الجميلة، ومن أجلِ أن يهدأ قلبك..
من لطائف الشنقيطيّ: إنَّ الصلاة على النبي ﷺ تعدُّ من بِرِّ الرجل بأبيه، وذلك أنَّ المَلَك الذي يبلّغ النّبي ﷺ صلاة النَّاس عليه يقول: "يا مُحمّد إنَّ فُلان بنُ فُلان يصلّي عليك" فيكون المرء سبباً في ذكر اسم أبيه عند النبي ﷺ، وهذا من أعظم البِرِّ 🌸
بغض النظر عن طريقة مرور يومك، حتى لو لم يكُن اليوم كما تتمنى، وكما خططت له، لا تنسى أبدًا أنك فعلت كُل ما تستطيع، وأن الأمور أحيانًا تخرُج عن السيطرة، وهذا ليس بيدك البتة، وتذكر أن كُل خطوة صغيرة فعلتها اليوم هو إنجازٌ رائع ستفخر به غدًا، وكُن ممتناً لكُل لحظةٍ شعرت فيها بالراحة والسلام✨
كل صباحٍ أقول «الحمد لله» وأنا أعنيها من كل قلبي؛ لأن شمسه تُشرق عليَّ وأنا مستورة في بيتي، معافاة في جسدي، لم أزل على ديني، بجانبي زجاجة ماء وعندي خبز وجبن، وفي رأسي ما يمكنني أن أبذله، وأهلي بخير وعلى ملة الإسلام
«الحمد لله» ليست مجرد كلمة نُجريها على ألسنتنا كنوع من الواجب، إنها شعورنا الصادق والعميق بالأمان والامتنان والغبطة، نجاتُنا يومًا آخر وامتلاكنا فرصة جديدة، دخولنا اليوم ونحن نقول لأنفسنا: نحن أحياء؛ إذًا هناك أمل..💕
يحتاج المرءُ للتخفيف أحياناً من صورته المثالية المعهودة له بالعقول، ربما يحتاجُ أيضاً لبعض الوقت الذي يتجرّد فيه عمداً أو ضعفاً من كل ما يجعله محبوباً مرغوباً، يتخلّى عن الأسباب التي تدفع العابرين للتمسك به رغماً عنهم لعمق جمالها.. يختفي ضوؤُه محاقاً قليلاً من الزمان؛ ليكتشفَ أنّ الأكثر جمالاً من أن ينبهر أحدهم بجانبك المضيء، هو أن يتقبّل جانبك المظلم..
"وإنّ من يحب القمر بدراً مكتملاً، سيعشقه هلالاً منتقصاً.. و يبحث عنه محاقاً مختفياً، بل يرى في عتمته النور.."🤍
يقول ابن تيمية: "إذا ناجى العبد ربه في السَّحر واستغاث به وقال: يا حيُّ يا قيُّوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث؛ أعطاه الله من التمكين ما لا يعلمه إلا الله"