رغم الفرح اليوم لكن والله ملفّ السّجون مؤلم جدّاً، يفتّت القلب، كلّ مقطع نراه وكلّ حديث نسمعه تكاد تخرج الرّوح معه، أناس يخرجون بعد سنين طويلة ولكن كيف يخرجون وكيف يعودون؟!
كيف عاشوا في تلك السّجون كلّ تلك المدّة؟
كيف مضت الأيّام عليهم بلا ضوء بلا ماء بلا حلم!
هل توقّعوا أن يخرجوا أصلاً؟
ما حال الواحد منهم وهو يعود فيجد أسرة غير الّتي ودّعها فمنهم من مات ومنهم من فُقد
أيعرفهم ويعرفونه أم سيقول رقمي كان كذا...
لا حول ولا قوّة إلّا بالله...
عزاؤنا أنّ الله لن يتركهم ولن يدع لهم ثأراً عند أولئك المجرمين وأنّه العدل المنتقم الجبّار...
حُبِس الكلام والله ولكنّي أقول ذلك لكيلا ينسى أحد هذا ويدعو للتّسامح وغيره مع مَن غيّروا آراءهم في يوم وليلة وهم أعوان الظّلمة، دعوا الحقد يستقرّ في قلوبكم عليهم، ولأنبّه على مَن يقول (كنّا عايشين) أنّ غيرهم لم يكونوا (عايشين)، كانوا وما زالوا موتى في الحياة، وأن يعرف الّذي كانت قمّة الحرّيّة عنده عودته في الثّالثة ليلاً من غير أن يكلّمه أحد أنّ غيره كان يُسجن لأنّه يخرج للصّلاة في الرّابعة فجراً، وليتفكّر الواحد منّا في عدل الله ورحمته وانتقامه.