View in Telegram
لكن انظر مـاذا قالوا في مقابل تلك الأدلة الدامغة لما كان واقعهم أنهم كافرون من الأساس. أي رافضون لا يريدون أن يؤمنوا بها { أَءِذَا ضَلَلْنَـا فِـي الْأَرْضِ أَءِنَّـا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} هكذا يقول الإنسان الكافر في نفسه، الرافض في نفسه أمام أي قضية من القضايا مهما كانت جلية، مهمـا كانـت واضحة. هكذا يقول لكن هذا القول لا ينفعه، انظر مـاذا قال بعد؟ مما يؤكد لنا ما قلناه: إنهم عندما قالوا: {أَءِذَا ضَلَلْنَـا فِـي الْأَرْضِ أَءِنَّـا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} إنهم يستبعدون ذلك لكن ليس استبعاد من لا يعرف الأدلة أو استبعاد قضية باعتبار أنه لا أدلة عليها، إنما استبعاد من هو جاحد ورافض في نفسه -{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ} قل لهؤلاء: هناك بعث لا بد منه، وبعـث هـذه تفاصيلـه أمامكـم وهـذه بدايته، أنتم حتى هذا الموت الذي ترونه يومياً لبعضكم بعض ليس شيئاً تلقائياً أو شأناً يأتي مصادفة من شؤون الحياة، إنه هو قضية موكلة إلى طرف آخر من عبادنا {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} (السجدة: 11) لتعرفوا أنكم ستبعثون رغماً عنكم، أن بداية الرجوع إلى الله ستكون من متى؟ من الموت، الموت هو بداية الرجوع إلى الله، فقل لهم: إنهم سيساقون إلى الله رغماً عنهم، وأنه من أول حادثـة ومـن أول خطوة يساقون بها إلى الله هي خطوة نحن نتبناها، ملك موكل من عندنا يتوفاكم، لتعرفوا بأن جحودكم هذا لا يمكن أن يغني عنكم شيئاً. وهكذا الحـق الذي تحاول أن تتهرب منه تهربك منه لا يعفيك عن المسؤولية أمامه، تهربك منه لا يعفيك عن آثاره، لا يعفيك عن آثار تهربك منه كعاصٍ ترتكب جريمة في تهربك منـه. عندمـا أرفـض هـل أرى نفسي بأنني أبعدت هذه القضية وكل آثارها عنّي؟ لا. إن البعث حق، ولا بد منه وإذا كنتم هكذا تقولون بسخرية واستبعاد، وإذا كنتم في الواقع إنما تنطلقون من واقع الكفر في أنفسكم فإنها قضية لا بد أن تقع، لا بد أن تحدث عليكم أنتم شخصياً، وهكذا هي مقدماتها من الموت {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَـوْتِ الَّـذِي وُكِّـلَ بِكُـمْ ثُـمَّ إِلَـى رَبِّكُـمْ تُرْجَعُـونَ} (السجدة: 11) الموت هو الخطوة الأولى في الرجوع إلى الله في العالم الآخر. والموت نحن نجده هنا في القرآن الكريم وبمناسبة ذكره هنا ليس من الوسائـل التـي يأتي التخويف بها للناس، ليس من وسائل التخويف إطلاقاً داخل القرآن الكريم، ولهذا لا تجد الحديث عن المـوت إلا خاطفـاً وبسرعة ينتقل إلى اليوم الآخر، لأنه اليوم الشديد الأهوال، هو مـا يجـب أن تخافه، هو ما يكون الحديث عنه هو الذي يصنع الخوف في النفوس، هو الذي يملأ القلوب خوفاً ورعباً، أما الموت نفسه إنما هو الخطوة الأولى، وهو قضية طبيعية، قضية طبيعية، هو بداية الرجوع إلى الله. ليس هو في حد ذاته ما يجب أن يخيف باعتباره حدثاً، ليكن خوفك هو من الرجوع إلى الله إلى اليوم الآخر، في اليوم الآخر يوم القيامة. ألم يأت الكلام عن اليوم الآخر في القرآن مكرراً جداً؟ بعض السور تكون من أولها إلى آخرها عن التخويف باليوم الآخر، هل ورد تخويف بالموت داخل آيات القرآن الكريم؟ لم يرد. ليعرف أولئك الذين يتحدثون مع الناس ويرشدون الناس أنهم كم يغلطون، كم يرتكبون من خطأ جسيم عندما يتحدثون مع الناس عن تخويفهم بالموت نفسه، ثم يذكرون لهم أهوال القبر وعذاب القبر وكلامـاً فـي النعـش وكلاماً طويلاً، طويلاً عريضاً كله يحول الموت إلى شبح مخيف. أن هذا أسلوب يترك أثراً سيئاً جداً جداً يتخالف مع منهجية القرآن، ويخالف ما يريد القرآن منا. إنه الذي يربي هذه الأمة تربية جهادية، الذي يربيك لتكون مجاهداً، هل ينطلق ليخوفك من الموت نفسه، وهو يريد منك أن تستبسل وأن تبذل نفسك في سبيل الله! لا يمكن هذا حتى ولا لقائد عسكري أن يعمله. القائد العسكري وهو يعمل على رفع معنويات الجنود في ميدان المواجهة هل يأتي ليتحدث معهم عن القبر والنعش والأهوال، وهذه الأشياء الكثيرة؟ أم أنه يحدثهـم حديثـاً يجعلهـم يستهينـون بقضية الموت، يجعلهـم يتقافـزون، وتستخـدم حتـى الحركـات، وتستخدم حتى نغمات موسيقية معينة، وتستخدم حتى صرخات معينة، وأناشيد لها ألفاظها المعينة كلها تدفع بالإنسان إلى الاستبسال. لكن تعال جمع كتيبة تريد أن يجاهدوا ثم اقرأ عليهم من كتاب [تصفية القلوب] أو من أي كتاب آخر مـن كتـب الترغيـب والترهيـب عـن النعـش والمـوت وسكرات الموت والقبر ثـم انظـر هـل سيتحـرك أحـد منهم؟ ستبرد أعصابهم ستجَمِّد نفوسهم. الإنسان إذا تربى على الخوف من الموت وقيل له: إن الموت كذا وكذا، وعلى النعش كذا وكذا، والقبر مليء كذا وكذا إلى آخره يخاف مهما كان متركعاً مهما كان متعبداً ينشد إلى الحياة ويخاف أن يواجه، أن يدخل في مواجهة لا يريد أن يموت، لأنه أصبـح خائفـاً مـن شبح الموت.
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily