#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الثامنة
#ثبات_أبي_بكر_أمام_فتنة_موت_رسول_الله_ومابعدها
اتكلمنا المرة إللي فاتت عن أعظم ابتلاء وفتنة مرت على الصحابة وهي موت رسول الله ﷺ،
وقلنا إن من المتوقع إن أكثر واحد من الصحابة هيتأثر بموت رسول الله ﷺ هو أبو بكر رضي الله عنه باعتبار إن رسول الله ﷺ كان كل شيء في حياته رضي الله عنه،
لكن إللي حصل إن رد فعله كان مختلف عن كل التوقعات👌
جاء أبو بكر ودخل المسجد ومنه دخل إلى بيت عائشة رضي الله عنها حيث مات رسول الله ﷺ في بيتها، فتوجه إلى رسول الله ﷺ على فراشه وكانوا قد غطوا وجهه بثوب،
فكشف أبو بكر الثوب عن وجهه ﷺ، فلما عرف إن رسول الله ﷺ مات فعلا بكى أبو بكر رضي الله عنه على فراق رسول الله ﷺ، وطبيعي إن الواحد يبكي في مواقف الفراق ويتألم، لكن بدون نحيب ولا صراخ👌
وقَبَّلَهُ بين عينيه رضي الله عنه وقَالَ:
"بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا"《صحيح البخاري》
وقال:
"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ"
☆يقصد بالمَوْتَتَيْنِ إن ربنا لن يميته مرتين، يعني خلاص مادام ظاهره إنه مات فهو مات، لن يُبعث ويموت مرة أخرى،
فهو أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره، زي قصة الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية وتساءل كيف يُحيِي الله هذه القرية فأماته الله مائة عام ثم بعثه.
خرج أبو بكر رضي الله عنه من عند رسول الله ﷺ وهو ثابت متمالك لنفسه ودخل إلي المسجد وكان الوضع كما هو،
عمر واقف ماسك سيفه بيهدد ويقسم بالله أن رسول الله ﷺ لم يمت والناس حوله ساكتين،
فهنا قال له أبو بكر:
"أيُّها الحَالِفُ علَى رِسْلِكَ"《صحيح البخاري》
يعني على مهلك، شوف انت بتقول إيه، وبعدين قال له:
"اجْلِسْ يا عُمَرُ "
عشان يعني أبو بكر يعرف يتكلم، لكن عمر مش سامع أصلا ولا في وعيه ورفض إنه يقعد واستمر في الكلام،
فالناس بدأوا يلتفوا حول أبي بكر وزير رسول الله ﷺ الأول وأحب الناس له،
فتشهد أبو بكر رضي الله عنه وحمد الله وأثنى عليه وهنا سكت عمر وبدأ يسمع لأبي بكر، قال أبو بكر:
"أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ"《صحيح البخاري》
☆كلام أبي بكر كان فيه فهم عميق وحكمة بالغة، فهو بيضع الأمور في حجمها الطبيعي،
أيوة المصيبة عظيمة لكن مينفعش أبداً إن المسلمين يخرجوا عن شعورهم وعن حكمتهم وعن إيمانهم بسببها،
بيوضح لهم الحقيقة إللي غابت عنهم وهي إن رسول الله ﷺ بشر،
وكل البشر يموتون، واحنا مكناش بنعبد رسول الله ﷺ
ولكننا جميعاً عبدنا معه رب العالمين سبحانه وتعالى،
والله حي لا يموت،
فلا داعي لاختلاط الأمور، ولا داعي للفتنة، ولا داعي للاضطراب، وإللي حصل ده أمر متوقع،
وربنا هو إللي هيجزينا على صبرنا أو يعاقبنا على جزعنا👌
وبعدين قرأ عليهم أبو بكر آية تذكرهم وتبصرهم بالحقيقة إللي غفلوا هنا ونسيوها وإللي بتؤكد كلامه، قال:
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ"《آل عمران آية(144)》
يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
"واللَّهِ لَكَأنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ هذِه الآيَةَ حتَّى تَلَاهَا أبو بَكْرٍ،
فَتَلَقَّاهَا منه النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، فَما أسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إلَّا يَتْلُوهَا"《صحيح البخاري》
يعني الناس من صدمتهم بموت رسول الله ﷺ كانوا ناسيين إن ربنا أنزل الآية دي لحد ما قرأها عليهم أبو بكر،
مع إنها نزلت بعد غزوة أحد، يعني قبل الموقف ده بحوالي ثماني سنوات، لكن من هول المصيبة نسيوا الآية،
فأول ما تذكروها كل واحد فيهم بدأ يقولها ويرددها وهو بيبكي وكأنهم بيهونوا على أنفسهم بعد ما تيقنوا إن خلاص رسول الله ﷺ مات،
أما عمر فاندهش من كلام أبي بكر ورجله سابت من بعضها ومبقاش قادر يقف فانهار وسقط على الأرض وعرف كده إن رسول الله ﷺ مات فعلا،
أبو بكر رضي الله عنه ربنا ثبته أمام الابتلاء العظيم ده وكمان ثبّت بيه أمة كادت أن تضل وأوشكت أن تُفتن،
فعلى الرغم من إن هو أكتر واحد كان وقع صدمة موت رسول الله ﷺ عليه أشد؛ إلا إن شدة الصدمة وهولها لم تمنعه من الثبات وتثبيت الناس معه👌
ولو لم يكن له من المواقف في الإسلام إلا هذا الموقف لكان كافياً👌