#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الرابعة
#فضائل_ومكانة_أبي_بكر_وعمر_الجزء_الأول
اتكلمنا المرة إللي فاتت عن هجرة أبي بكر وعمر إلى المدينة، وقلنا إن دي مرحلة جديدة هتظهر فيها ابتلاءات واختبارات جديدة؛
لأن دي فترة استقرار بعكس الأوضاع في مكة إللي كانت كلها أذى واستضعاف،
أول ابتلاء يتعرض له الصديق هو إصابته بالحمى👌
قالت السيدة عائشة عن المدينة أنها أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ، فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا.《صحيح البخاري》
يعني كانت أرض مليئة بالأوبئة والأمراض، حتى إن وادي اسمه بُطحانَ في جَنوبِ المدينةِ قُريبَ المسجدِ النَّبويِّ الشَّريفِ؛ كان يَجْري طُولَ العامِ «نَجْلًا»، يعني يجري بالمياهِ المُتغيِّرةِ المُتعفِّنة الَّتي تَتركَّدُ فيه كثيرًا،
زي ترعة كده فيها مياه راكدة فيجتمع فيها العفن والحشرات، فتكون النتيجة كثرةُ الحُمِّيَّاتِ وانتشار الوَباءُ👌
وده طبعا بعكس مكة وأجواءها النقية ومياهها الصافية،
فأُصيب الصديق رضي الله عنه بالحمى وأصيب معه بلال رضي الله عنه،
فحنّوا لمكة ولأيام العافية،
وكان بلال يدعوا على شَيبةَ بنَ رَبيعةَ وعُتبةَ بنَ ربيعةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، رُؤوسِ المشركينَ وزُعمائِهم في مكَّةَ؛ لأنهم كانوا سبب في إخراجهم من دار العافية إلى دار الوباء،
فلما شاف رسول الله ﷺ حالهم؛ دعا وقال:
"اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ"
《صحيح البخاري》
يعني دعا إنهم يحبوا المدينة زي حبهم لمكة بل أشد من حبهم لمكة، ودعا بالبركة في المكاييل إلي بيكيلوا بيها الأشياء، حاجة زي الكيلو كده،
ودعا إن الحمى تخرج من المدينة وتنتقل إلى مكان اسمه الجُحْفَة،
وهي مكان بين مكة والمدينة وكان أهلها مشركين،
فلما تصيبهم الحمى هينشغلوا بنفسهم ولن يعاونوا أهل مكة على أذى المسلمين👌
فاستجاب الله لدعوة رسوله ﷺ وأصبحت المدينة أحب البلاد إلى الصحابة وشُفيَ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما👌
بعد ما استقر رسول الله ﷺ في المدينة؛ آخى بين المهاجرين والأنصار،
يعني أصبح لكلّ مهاجري أخًا له من الأنصار،
فآخى رسول الله ﷺ بين أبي بكر الصديق وبين الصحابي خَارِجة بن زيد وإللي هيتزوج أبو بكر ابنته حبيبة بعدين.
وآخى رسول الله ﷺ بين عمر بن الخطاب وبين عِتبانُ بنُ مالكٍ على الراجح،
وترتّب على المؤاخاة دي حقوق خاصة، مثل المواساة والتعاون على أعباء الحياة بين الاثنين وكذلك توارثهما دون ذوي الرحم،
يعني المهاجري يرث الأنصاري إذا مات والعكس، كأنه أخوه من النسب بالضبط👌
والمؤاخاة دي كانت بسبب إللي حصل مع المهاجرين من فقدهم لأموالهم وهجرهم لأوطانهم وأهليهم وإصابتهم بالحمى،
والتوارث في المؤاخاة كان لفترة زمنية، يعني لحد ما يعتاد المهاجرون الحياة في المدينة، ويقدروا يعوضوا بعض ما فقدوه من أموالهم،
وبعدين تم إلغاء نظام التوارث بنزول قوله تعالى:
"وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ"
《الأحزاب آية(6)》
وكان في تعاون بين الأنصار والمهاجرين حتى في طلب العلم من رسول الله ﷺ،
فعمر مثلا كان هو وأخوه من الأنصار عِتبانُ بنُ مالكٍ بيسكنوا في عَوَالِي المَدِينَةِ، ودي قُرى كانت موجودة خارج المدينة،
فبسبب ظُروف عَملِهما مكنوش يقدروا يروحوا لرسول الله ﷺ يوميا ويأخذوا منه العِلمِ، فكانا يتناوبان في الذهاب إلى رسول الله ﷺ،
يعني كان عمر يروح يوم ويتعلم إللي نزل من الوحي من رسول الله ﷺ وأخوه عِتبانُ بنُ مالكٍ كان يذهب لعمله، فكان عمر لما يرجع يعلم عِتبانُ بنُ مالكٍ إللي اتعلمه،
واليوم التالي كان عمر يروح عمله وعِتبانُ بنُ مالكٍ يروح يتعلم من رسول الله ﷺ ولما يرجع كان يعلم عمر رضي الله عنه ما تعلمه من رسول الله ﷺ وهكذا،
وده كان من حرصهم رضي الله عنهم على تعلم الدين من رسول الله ﷺ👌
أما أبو بكر الصديق فكان ملازما لرسول الله ﷺ لا يفارقه لا في السّلم ولا في الحرب،
فمثلا في غزوة بدر كان رسول الله ﷺ واقف يصلي ويدعو للمسلمين بالنصر، وأبو بكر واقف خلفه ﷺ،
فاشتد رسول الله ﷺ في الدعاء حتى سقط الرداء من على كتفه،
فأرجع أبو بكر الرداء على كتف رسول الله ﷺ وحضنه عشان يهوّن عليه وقال له:
"يا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ؛ فإنَّه سَيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ"
《صحيح مسلم》
يعني متقلقش ربنا هينفذ لك وعده اللي وعدك بيه فخفف عن نفسك،
وده مِن علم وإيمان أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُجِيبُ دَعوةَ نَبيِّه ﷺ👌