أساليب السلطة في مواجهة الأزمةمن البديهي أنَّ أول خطوة سلكها الجولاني هي تحقيق الوحدة الداخلية، إذ ليس بإمكانه مواجهة أزمة مثل هذه والصراع الداخلي يفتُّ عضد قاعدته الصلبة، وفي هذا السياق اختار مجموعة من القضاة الثقاة ورفيعي المستوى وشكل منهم لجنة قضائية مختصة للنظر في “أزمة العملاء”، فتضاءلت ظاهرة التلاوم بين العسكر وعناصر الأمن، وذهب معظم التوتر الداخلي، إضافة إلى هذا كثفت القيادة جولاتها وزياراتها وجلساتها الفردية مع أمراء الجند وقادة الجبهات، خاصة المتضررين من الاعتقالات لإعادة رد الاعتبار لهم، بل وصل الأمر لترقية بعضهم إلى رتب تنظيمية رفيعة.
من جهة أخرى، نظم الجولاني مؤتمرات عامة مع النشطاء ووفر لهم مناخًا مريحًا من حرية النقد واستقبال النصيحة والتعبير عن الرأي. أي أنَّ حضور الجولاني واتصاله الكثيف بالوجهاء والقادة واستماعه المباشر للنقد (الذي كان جارحًا في كثير من الأحيان) خفف من حدة الاحتقان الداخلي وحقق نوعًا من الرضا، خاصة وأنَّ مثل هذا الاتصال لم يكن يحدث من قبل بهذه الكثافة.
لكن لعل أهم خطوة على الإطلاق كانت سببًا في جمع الكلمة هي الاجتماع الموسع الذي عقده الجولاني يوم 12/3/2024 وضم ما يقرب من 800 شخصية من مختلف نخب المحرر، تحدث فيه عن الأخطار التي تحيط بالمحرر، والتضحيات التي قُدمت لتحقيق الاستقرار بعد انتهاء حالة الاحتراب الفصائلية القديمة، والضرر الذي سيحدث في حال انفلات الأمن، ثم إعلانه لوثيقة الإصلاحات السبع المشهورة، وأخيرًا تنازله عن القيادة وطلبه من الحضور أن يختاروا قائدًا آخر إذا أرادوا ذلك. ولأنَّ معظم الحضور رفضوا تراجع الجولاني عن القيادة، فقد خرجت قيادة المحرر من هذا الاجتماع بنفوذ أكبر وقبول أوسع، مكنها بعد ذلك من مواجهة الحراك بخطوات أثقل.
https://t.center/osamaisaa