ما أسعى إليه هو الخفة. ألا يكون في قلبي ندم، ولا في عينيَّ الطرق التي اخترت عدم المشي فيها، ولا في ذاكرتي قصص بنهايات مبتورة، ولا في يديَّ أشياء لا أبالي بها.
بنيت لنفسي قناعة (بأن الخسارة وإن حدثت) فهي لا تعني لي بشيء، لا تُقيّم حقيقتي، ولا تشرح قدراتي، ولا تسرد ما أنا عليه من إمكانيات.
لكن ما أنا مُهتمة فيه وبالنسبة لي مسألة جوهرية، بكيف قطعت الطريق وبأي مستوى من الحماس والجدية، وما إن كنت قد قدمت فيه أفضل ما لديّ وعبرت عن وجودي فيه كاملاً.
لم أكن أتخيل أن العمر بهذا الثقل، وبذلك التخبط ،كنتُ أحلم أن أكون أحدَ الكبارٍ فحسب! لم يخبرني أحد بما سأقابله إذا كبرث؛ لم يقلّ لي أنّي سأسهرُ أرقًا، و أناحُ هربًا. لم يخبروني أن الحياةً ستكون مسؤولياتٍ أحاول تحمّلها، وأن العمرَ سيتحول إلى ضغط أجاهد في التأقلم عليه.. حياة الكبار صعبة؛ أصعب من قلبي الذي يأبى أن يترك طفولته، ونفسي التي لا تزال في رقّةِ الأطفال وفي خوفهم أيضًا. أريد أن ينتشلّني أحدُ الكبار من هذه الحياة، ولكن الحقيقة المرة إني أصبحث أحدهم، وهذه حياتي ولا مفر منها..
"لعلنا نلتقي بالأشياءِ التي نحبُّ في وقتٍ آخرٍ؛ تكون مُستحِقَّةً لنا، ونكونُ أهلًا لها لعل وُجودها الحالي فيه هلاكي، وفيه ضياعها. لرُبما هي مسألةُ وقتٍ لأفهمَ كيف أُقدرُ قيمةَ الأشياء وكيف تُقدرُ هي وجودي فلا تنقطع حبالُ الوصلِ ثانيةً. لا أقنعُ بأنَّ النهاياتٍ أبديّةٌ، وأنَّ الطُرق كانت جسورًا لنا لقاءٌ آخر مع كل ما فُقِدَ لم تنتهِ الحكايةُ بعد، غدًا تطيرُ العصافيرُ."
يومًا ما، سَأكتب عن السَعادة بِنفس الإندِفاع الذي أكتبُ بهِ عن الحزن. سَأصف الوَهج كما أفعل مع الانطفاء، ولن أقلَق من أيامي الجَيدة كما أطمئن لأيَامي السَيئة لأنني كنتُ أظنها حالتي الطَبيعية والدائمة.. "
حزن النّساء مُعقّد.. تتجمّع القصائد في أرواحهن، ثُمَّ تُسكَب إذا أوقدت نار الإلقاء وتُليَت الكلمات؛ فتسقط من العين مهراقة، ومن الشفتين رقراقة، ووسط الضلوع خفّاقة،
حزن النساء صموت.. كـشَعرٍ غجريٍّ لُمْلِمَ جديلة قُدسيّة.. والمعاني كلها بين شوقٍ وقنوت!
يصف حالتي الشعورية، ما كتبه عبد الرحمن منيف يومًا إلى صديقه مروان باشي: «لست معكّر المزاج أو يائسًا، لكن لا شيء في وقته أو مكانه، أشعر أني بحاجة ماسّة لرحلة إلى مكان مجهول، وإلى الصمت، وإلى البقاء في الظلال المعتمة»
جُملة لا أملّ من تِكرارها على نفسي كلّ صباحٍ، أخبرها أنّ كل وقتٍ نحاول فيهِ هذا الوقت المُناسب، أربتُ بيديّ عليَّ، أشبك أصابعي ببعضها، أُكرِّر على مسامِعها: المُؤمن القوي خيرٌ من الضعيف، استعِن بالله ولا تعجز.. سينتهي التَّعب وسننعم هُناك إلى الأبد.
وصيّة صباح جديد: "تذكّر أنّ عليك السعي والنتيجة قدرٌ مكتوب، ولا تُبالغ في الاستعداد لأي وجهةٍ أو هدف وتنسى متعة الطريق، ثُمّ تكون كالذي بالغ في تجهيز قاربه حتى جفّ البحر".
" أنا كومة من الأشياء غير المفهومة ، أحيانًا أبدو واضحة مثل شمس وأحيانًا لا يمكنك تخمين ما قد أفكر به في لحظات أكون قادرة على محبة كل شيء و أحيانًا قلبي لا يتسع حتى لي في أوقات أتحدث حتى يملّني الكلام و أوقات تعجز سكينًا عن فتح فمي أحيانًا أراني رائعة و أحيانًا عليّ فقط الاختفاء ".