إن بعض العباد يحب أن يحيا حياةً وديعة، حياةً فيها كل مظاهر الراحة والاستمتاع.. ولكن الذي يعلم السياسة الإلهية؛ فإنه يتمنى في أعماق قلبه أن يُبتلى، لأجل أن يصبح الابتلاء مقدمة للوصول إلى درجات التكامل.. وقد ورد في الحديث: أن (الدنيا مزرعة الآخرة)..بعض الناس أرادوا من الدنيا أن تكون حديقة الآخرة، لا مزرعة الآخرة!.. وهناك فرق بين المزرعة وبين الحديقة.. فالمزرعة فيها زراعة، ولكن أيضا فيها ما فيها من الآفات، أما الحديقة فليست كذلك!.. نحن في مقام العمل كأنه نريد أن نحول الدنيا إلى حديقة جميلة، فيها العصافير المُغردة، والورود الجميلة.. والله -عز وجل- يريد منا خلاف ذلك؛ هذه حقيقة ينبغي أن نستوعبها بكل وضوح في هذا المجال.. قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} فرب العالمين يعلم أخبارنا، ولكن يريد منا أن نُقدّم بين يديه صوراً مشرقة من المجاهدة والصبر.. وفي آية أخرى قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ}: هؤلاء الذين جاهدوا، هم الذين حققوا الهدف من الخلقة.. فرب العالمين يجعل هؤلاء كأنه تطبيق عملي لهدف الخلقة، حيث أراد أن يجعل في الأرض خليفة.
آداب الزيارة إن الاستئذان والإذن، كلاهما مفهومان مترابطان متلازمان.. والذي يدخل هذه المشاهد المشرفة، لابد أن يستأذن، باعتبار أن لها أصحاب، إذ كما أن هناك متولٍ ظاهري وهو الذي يتولى الأوقاف من البناء وغيره، أيضا هناك متول واقعي وهم أصحاب هذه المشاهد أي الأئمة ( عليهم السلام )، ولهذا نلاحظ في كتب الزيارة والدعاء، ذكر مرات متعددة من الاستئذان: أولا استئذان رب العالمين، باعتبار أنه خالق الوجود وصاحب الوجود.. ثم استئذان جدهم المصطفى ( صل الله علية والة وسلم ) باعتبار أن استئذان الجد مقدمة لاستئذان الحفيد.. ثم استئذان الملائكة المحدقين بهذه المشاهد المشرفة.