انفضَت الجُموع، تَخلَت الأيادِي، غَابت وَفُقِدتْ جُلَّ تِلكَ الوجوه! ضِيقتَك سَتُثبِت لَك رِفاقَ مِحنتك! إيَّاك ..إيَّاك والإغتِرار بِرفاق السِعَة والرَّخاء! أتذكرُ حِينَ ابتَلاكَ الله وَدَخلتَ فِي غُرفِ الأنعَاش، وَبعدَ سَاعات بِمَشيئةِ الله تَفتَحُ عَيناكَ تَجِده يُردد فِي مَسمَعَك: (‏إِنِّي أَنا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بمَا كَانُوا يَعْمَلُون). تَشرحُ آلامَك لَه، وَتَبثُ شَكواك، تَأنسُ بِقربهِ مِنك، تَشعر أنهُ مِنحَةٌ مِن رَبِّك لَك.. أنتَ مَدِين لِذاكَ الخِل الوفِيِّ النَقِيِّ، عَضَّ عَليهِ بِقلبكَ، بَل بِكلِ قُوتَك .. لَكِن اعلم يا رَفِيق أنَّ الوِصَال الصَادق هو الذي لا يَنقَطِع فِي الآخرة،ثمَّ مَا الغَاية مِن رِفقة، تَجتمِع فِي الدُنيا وفي الآخرة تَفترق! المحبَّة الصَادقة هِي التِي تؤتِي أكلَها فِي جِنانِ الرَّحِيم، وفِي نَعيمٍ مُقيم.. تِلك التِي تُقطع لَها المَفازات،وَتُجتاز لأجلِهَا الأهوال والأخطار. هِي بِربِي التِي لا وَلن تَندم عَلى كُل فِعلٍ، كُل قولٍ، كُل حَرفٍ، كُل هَمسٍ .. بَذلتَهُ فِي سٍبيلِ الفوزَ بِثمارِهَا فِي يَومٍ.. (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ*إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ)...