شرح حديث : #الأشهر_الحرم
ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَواضِعَ مُتفرِّقةٍ في حَجَّةِ الوَداعِ
وَصايا جامِعةً لأُمَّتِه ، فيها الكَثيرُ مِن الأوامِرِ ، والنَّواهي ، والتَّوْجيهاتِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أبو بَكْرةَ نُفَيْعُ بنُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
قال يومَ النَّحْرِ في حَجَّةِ الوَداعِ ، في العامِ العاشِرِ مِن الهِجْرةِ :
●
«الزَّمانُ قدِ اسْتَدارَ كهَيْئةِ يَومَ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ» ، أي : إنَّ الزَّمانَ في انْقِسامِه إلى الأعْوامِ ، والأعْوامِ إلى الأشْهرِ ،
عادَ إلى أصلِ الحِسابِ والوَضْعِ الَّذي اخْتارَه اللهُ ووضَعَه يَومَ خلَقَ السَّمَواتِ والأرضَ ؛ وذلك أنَّ العرَبَ كانوا يُؤَخِّرونَ شَهرَ المُحرَّمِ ليُقاتِلوا فيه ، وهكذا يُؤَخِّرونَه كلَّ سَنةٍ ، فيَنتَقِلُ مِن شَهرٍ إلى شَهرٍ حتَّى جَعَلوه في جَميعِ شُهورِ السَّنةِ ،
فلمَّا كانت تلك السَّنةُ ، كان قدْ عادَ إلى زَمنِه المَخْصوصِ به.
👈 وقدْ خلَقَ اللهُ سُبحانه السَّنةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهرًا ، منها أربَعةٌ حُرُمٌ ، ثَلاثةٌ مُتَوالِياتٌ :
ذو القَعْدةِ ؛ وسُمِّيَ بذلك للقُعودِ فيه عنِ القِتالِ ، وذو الحِجَّةِ ؛ للحَجِّ ، والمُحَرَّمُ ؛ لتَحريمِ القِتالِ فيهِ ، وواحِدٌ فَردٌ ، وهو رجَبُ مُضَرَ ، ونُسِبَ إلى قَبيلةِ مُضَرَ ؛ لأنَّها كانت تُحافِظُ على تَحريمِه أشدَّ مِن مُحافَظةِ سائرِ العرَبِ ، ولم يكُنْ يَستَحِلُّه أحَدٌ مِنَ العرَبِ ، وقولُه :
«الَّذي بيْن جُمادى وشَعْبانَ» تَحْديدٌ لشَهرِ رَجبٍ الحَقيقيِّ.
👈 ثمَّ سَأَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحاضِرينَ أيُّ شَهرٍ هذا؟ وأيُّ بَلدٍ هذا؟ وأيُّ يومٍ هذا؟ وفي كُلِّ مرَّةٍ يُجيبونَه : اللهُ ورَسولُه أعلَمُ ؛
مُراعاةً للأدَبِ ، وتحَرُّزًا مِن التَّقدُّمِ بيْنَ يَدَيِ اللهِ ورَسولِه ، وتَوقُّفًا فيما لا يُعلَمُ الغَرَضُ مِنَ السُّؤالِ عنه ، وفي كلِّ مرَّةٍ يَسكُتُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى يَظَنُّوا أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيُغيِّرُ الاسمَ المعروفَ ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ الشَّهرِ
: إنَّه ذو الحِجَّةِ ، والبَلدَ مكَّةُ ، واليومَ يومُ النَّحرِ ، ويُوافِقُ العاشِرَ مِن ذي الحِجَّةِ ، وسُمِّيَ بذلك ؛ لِما يَجْري فيه مِن نَحرِ الهَديِ والأضاحيِّ ، فهو يُوافِقُ عيدَ الأضْحى عندَ عُمومِ المُسلِمينَ.
● ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ :
«فإنَّ دِماءَكم ، وأمْوالَكم ، وأعْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ يَومِكم هذا ، في بَلدِكم هذا ، في شَهرِكم هذا» ، أي : حَرامٌ كحُرْمةِ يومِ النَّحرِ ، وحُرْمةِ الشَّهرِ الحَرامِ ، وحُرْمةِ مكَّةَ المُكرَّمةِ ، وهذا فيه
تَأكيدٌ شَديدٌ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَحريمِ الدِّماءِ ، وتَشمَلُ النُّفوسَ وما دونَها ، والأموالِ ، وتَشمَلُ القَليلَ والكَثيرَ ، والأعراضِ ، وتَشمَلُ الزِّنا واللِّواطَ والقَذْفَ ونَحوَ ذلك ؛ فكُلُّها مُحرَّمةٌ أشدَّ التَّحريمِ ، وحَرامٌ على المُسلمِ أنْ يَنتَهِكَها مِن أخيهِ المُسلِمِ.
#يتبع_هنا
👇
📚 #الموسوعة_الحديثية 📚
https://dorar.net/hadith/sharh/150321