ما الحبّ إلّا للحَبيب الآخِر . . الذي قابَلته بعدما ثقل قلبك بالجُروح وتشوّه بالندوب بعدما كان قلبًا بتولًا غضًا كقَلب الطفل، الذي جاء بعد أن تعلّمت درسًا قاسيًا، أنّك كنت ساذجًا، وأنّ الحياة ليست سخيّة كما تظنّ، وأنّ الأحبّة يرحلون، وأنّ الدرب طويل وَعِر، وأنّ الروح عَليلة . ما الحبّ إلّا للحَبيب الآخِر . . الذي اخترته بعدما ذُقت خذلان الكثير، وبعدما عَرفت عيناك الأرقّ ليالٍ طوال حتىٰ تخطّيت كلّ الحواجز ونمت أخيراً، ونمت طويلاً، الذي جاء بعدما خطَوت الطريق وحدَك، فكان حبّك له حبّ اكتِمال وليس حبّ تَعويض نَقص أو ضَعف، الذي اخترته بعدما اشتدّ عودك وقوِي قلبك وانتَصب جذعك بعدما أثقلته الهموم . ما الحبّ إلّا للحَبيب الآخِر . . الذي رأت عيناك عين نواقِصه فلم تَتغافل عنها، إنّما قبِلتها كما قبِلك بعين نواقِصك، الذي خطوت معه يداً بيد في الحبّ، لم تقَع، ولم تُختطف، بل اخترته بكامل إرادتك . ما الحبّ إلّا للحَبيب الآخِر . . الذي تقرّر كلّ يوم أنّك تحبّه، وتَختاره، وتقبَله، وتودّ لو منحته من السماء قِطعة، وصنعت له من النجوم عِقدًا لا تنفرط حبّاته، وأنّك ستختاره كلّ يوم، لأنّه الحَبيب الآخِر . . !