*⛔الأفضل أداء سنة الفجر في البيت ومن فاتته قضاها بعد صلاة الفجر*
الســ❓ــؤال:
*بارك الله فيكم، هذه رسالة وصلت من المستمع سعد خميس من الرياض، يقول في رسالته: أحمد الله سبحانه وتعالى بأن من عليّ بالمحافظة على الصلوات الخمس، ولي يا فضيلة الشيخ رسالة بارك الله فيكم أريد أن تجيبوا عنها، وهي: إذا فاتتني ركعة من صلاة الفجر، وقمت بقضائها، وبعد صلاة الفجر قمت بركعتي السنة، هل هذا جائز، وإذا صليت هاتين الركعتين في البيت قبل ذهابي إلى المسجد لصلاة الفجر فما الحكم، أفيدونا بارك الله فيكم؟*
*الشيخ: أول ما أنت عليه مما ذكرت من المحافظة عليه، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق، بالنسبة للجواب عن سؤاله عن الذي فاته، فإنه يجوز للإنسان إذا فاتته سنة الفجر قبل صلاة الفجر، يجوز له أن يقضيها بعد الصلاة، إذا امتنع من التسبيح الوارد خلف الصلاة، فإن له أن يقضيها في الحال، وله أن يؤخر القضاء إلى الضحى، لكنه إذا كان يخشى أن ينسى أو يشتغل عنها، فإنه يصليها بعد صلاة الفجر، وأما صلاته إياها في بيته قبل أن يأتي المسجد، فهذا هو الأفضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها في بيته، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، ولكن إذا علمت أن الصلاة قد أقيمت، فإنك لا تصليها في البيت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، فإذا علمت أن المسجد الذي تريد أن تصلي فيه الفريضة قد أقام الصلاة، فلا تصلّ النافلة، بل اخرج إلى المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا».*
*هذه رسالة من أ. الخرطوم، يقول في رسالته: كيف يكون البر بالوالدين بعد مماتهما، وما هي الأعمال الصالحة التي يجب على الولد تجاه والديه بعد ممات والديه، أفيدونا بارك الله فيكم؟*
*الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، إن بر الوالدين هو كثرة الإحسان إليهما بالمال والبدن قولاً وفعلاً، والبر الواجب جعل الله تعالى منزلته بعد منزلة حقه، وحق رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾، ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾، ﴿وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾، فالبر في الحياة يكون ببذل المال، وبخدمة البدن، وبلين القول، وبالدفاع عنهما، عن عرضهما، وعن مالهما، وعن أنفسهما، وهو منوط بكل ما يسميه الناس براً، وأما برهما بعد وفاتهما، فمنه الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وصلة القرابة التي لا صلة لك بهما إلا لهما، وإكرام صديقهما، كل هذا من البر بهما بعد وفاتهما، فأما إهداء القرب لهما، فهو من البر، ولكن غيره أن الدعاء أفضل وأكمل، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها، وإنها لو تكلمتْ لتصدقتْ، أفأتصدق عنها؟ قال: " نعم ". واستشاره سعد بن عبادة رضي الله عنه أن يجعل مخلافه، وهو بستان يخلف من الثمر، أن يجعله صدقة لأمه، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا أردت أن تبر والديك بعد موتهما فأكثر من الدعاء لهما، وصل الرحم التي هم سبب اتصالك بها، وأكرم صديقهما.*
*أيضاًَ من رسائلها هذا السؤال، تقول: واجهت في حياتي عدة مشاكل جعلتني أكره الحياة، فكنت كلما أتضطجر أتوجه إلى الله تعالى بأن يأخذ عمري في أقرب وقت، وهذه أمنيتي حتى الآن لأنني لم أر حلاً سوى الموت هو وحده يخلصني من هذا العذاب، فهل هذا حرام علي، أرشدوني أفادكم الله؟*
*الشيخ: إن تمني الإنسان الموت لضر نزل به، وقوع فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً، فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي». فلا يحل لأحد نزل به ضر أو ضائقة أو مشكلة أن يتمنى الموت، بل عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وينتظر الفرج منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً»، وليعلم المصاب بأي مصيبة أن هذه المصائب كفارة لما حصل له من الذنوب، فإنه لا يصيب المرء المؤمن هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله به عنه حتى الشوكة يشاكها، ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين، تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ وكون هذه المرأة لا ترى حلاً لمشاكلها إلا بالموت، أعتبر أن ذلك نظر خاطئ، فإن الموت لا تنحل به المشاكل، بل ربما تزداد به المصائب، فكم من إنسان مات وهو مصاب بالمشاكل والأذية، ولكنه كان مسرفاً على نفسه، لم يستعتب من ذنبه، ولم يتب إلى الله عز وجل، فكان في موته إسراع لعقوبته، ولو أنه بقي على الحياة، ووفقه الله تعالى للتوبة، والاستغفار، والصبر، وتحمل المشاق، وانتظار الفرج، لكان في ذلك خير كثير له، فعليك أيتها السائلة أن تصبري، وتحتسبي، وتنتظري الفرج من الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: ﴿فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً﴾ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً»، والله المستعان.*
*الشيخ: تفهم هذه الآية وغيرها من الآيات على ظاهرها اللائق بالله عز وجل، فمن هذه الآية نفهم أن الله سبحانه وتعالى كلم موسى، وقد بين في آية أخرى أنه كلمه بصوت مسموع فقال: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾. والنداء يكون بالصوت العالي والرفيع وأنه من بعيد، والمناجاة بالصوت الخفي القريب. ومن هنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء، وأن كلامه بحروف وأصوات مسموعة، ولكن يجب أن نعلم بأن كلام الله سبحانه وتعالى لا يشبه كلام الآدميين بأصواتهم؛ لأن الله يقول في محكم كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ويقول بصيغة الاستفهام المشرع بالتحدي والنفي: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ يعني ليس له شبيه ولا نظير، ولا أحد يساويه في جميع صفات الكمال. وهذه القاعدة -أعني الأخذ بظاهر القرآن- هي الواجبة؛ لأن الله تعالى خاطبنا بالقرآن وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ آية ثانية من كتاب الله بين الله سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن وجعله باللسان العربي من أجل أن نفهمه ونعقل معناه. وعلى هذا فيجب علينا الإيمان بظاهره حسب ما يقتضيه اللسان العربي إلا أن يكون هناك دليل شرعي يوجب صرفه عن مقتضى اللغة إلى مقتضى الشرع، فإنه يجب اتباع ما دل عليه الشرع في ذلك. وما حصل الضلال بالتأويلات البعيدة إلا بسبب تحكيم الناس عقولهم فيما يجب لله وما يجب عليه وما يمتنع عليه، فحصل بذلك من تأويل نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته ما هو معلوم وما هو متضمن للخروج عما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم في إجراء كلام الله سبحانه وتعالى على ظاهره وحقيقته على الوجه الذي يليق به من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تكليف.*