لقد اجتمعت للسعودية من العوامل ما لو اجتمع لغيرها لكانت قوة ضاربة في منطقتها وفي العالم.. طفرة نفطية هائلة وأموال غزيرة، ثم مكانة روحية عظيمة في عموم العالم المسلم حتى لو استطاعت أن تتخذ منهم جيشا لوجدت من يفديها بالروح لا يسألها أجرا ولا شكورا.. ثم جغرافيا واسعة في قلب منطقة حيوية.. ثم محيط جيوسياسي شبه آمن ليست له عداوات تاريخية عميقة!
فلم تستعمل هذا كله إلا في ضرب نفسها وطعن نفسها وقتل نفسها، بعد أن ساهمت في طعن المسلمين وضربهم وقتلهم في أنحاء العالم الإسلامي.. والآن وصل أعداؤها إلى جوارها شرقا وشمالا وجنوبا.. وما رهنت نفسها ولا عملت إلا سلاحا في يد من لا تؤمن عداوتهم ولا انقلابهم من الإنجليز ثم الأمريكان.. والآن: الإسرائيليين!
ثم انظر موجة الزندقة والفجور والانحلال الأخلاقي التي انفجرت في السعودية كأنها بركان مسعور، يريد أن يثبت أنه قادر على ضرب أقدس المقدسات ونسف أثبت الثوابت وتنفيذ أعمق تحول اجتماعي.. أقوى حتى مما فعله أتاتورك في تركيا، والشاه في إيران، ومحمد علي وعبد الناصر في مصر، وبورقيبة في تونس!!
لو أن دولة تخطط تخطيطا وتدبر تدبيرا لإفشال نفسها ما استطاعت أن تصنع شيئا يفوق هذا!!
هل تصدق أن عرضا جاء للسعودية من الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر أن يرسلوا إليها من شبابهم عشرة يقاتلون معها جيش صدام إن هو هاجمها، وألا تستجلب القوات الأمريكية.. فماذا كان رد السعودية؟.. لقد مَوَّلت قتلهم وانقلاب العسكر الجزائري عليهم!
أكثر الناس انزعاجا من حازم أبو إسماعيل واحتمال فوزه بالرئاسة كانت السعودية حتى لم يستطع أمراؤه النوم في ليلةٍ اكتشفوا فيها احتمال أن يكون هذا حقيقة.. قاله مصطفى الفقي في فيديو منشور!
ومرسي قصة وحده..
والحركة الخضراء قصة وحدها.. بل قصص ذات شجون شؤون..
أثمة دولة عاقلة يكون بيدها أن تكون داعمة لحركة مثل الحركة الخضراء التي تضرب نموذجا فريدا في التاريخ.. ثم تذهب إلى دعم الإسرائيلي؟!!
أريدك أن تتخيل ماذا لو كانت الحركة الخضراء شيعية، في بيئة غزية شيعية، تدعمها إيران دعما تاما كاملا كالذي تفعله مع حزب الله.. تخيل!! ماذا كان يحدث؟!! وكم ستمتلك إيران من القوة وضخامة النفوذ والتأثير في المنطقة والعالم كله؟!
الكلام كثير والقصص كثيرة.. لا يحويها منشور ولا مقال ولا كتاب.. ولكن فيما سبق إشارة وخلاصة..
والقصد -لكي لا تنس- أن القاعدة الأولى في العمل الإسلامي: لا ترتبط بالتمويل السعودي!