View in Telegram
في مؤتمر الذكرى الثالثة للهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، أنشد شاعر الثورة اليمنية فؤاد الحميري أبياتاً بديعة يقول فيها: شتان بين الشك والإيمان .. وشهود زورٍ أو شهيد عيانِ سقطت بطولة هُولِيُود وسحرُها .. وعَلَت بطولة تلة السلطانِ هم مثلُ سوبرمانهم أكذوبة .. لكننا -صدقٌ- كسِنْوَرمانِ 1- كأن الغرب يشعر نقصاً فظيعاً في البطولة والأبطال، فلم تزل آلته الدعائية تنهمر علينا بالأبطال المـُخترعين الزائفين؛ فكم نشأنا ودرجنا على روايات هؤلاء وأفلامهم، فإذا الأطفال والناشئة يستلهمون أمثلة: سوبر مان (الرجل الخارق)، سبَيْدر مان (الرجل العنكبوت)، وأنواعًا من الفرسان في كل موطن وسبيل. وإذا الكبار والكهول يستهلكون أصنافاً من المقاتلين والأبطال الذين فرغوا من مهمات الأرض فطفقوا يحاربون في النجوم والكواكب والعوالم الموازية أو يتصدون لغزو الكائنات الفضائية لهذا العالم! قد كثرت القصص المخترعة والخيال العلمي من بعد ما تضخم التفوق الأوروبي حتى لم يعد يرى له في هذه الأرض قريناً ولا منافساً! وتأمل في هذا ترى صدق ما أقول؛ فأي بطولة يفخر بها المرء إذ يستطيع أن يقتل، بإلقاء القنابل وهو في طائرة تعلو آلاف الأميال على قومٍ من العُزَّل الذين لا يطالونه، أو حتى يقتل وهو في مركز للتحكم وقد أرسل طائرة مُسَيَّرة يتحكم فيها كما يتحكم في الألعاب الإلكترونية، يرى الناس من حيث لا يرونه، ويفتك بهم من حيث لا يدركونه؟! فمن كان هذا حالُه، وقد تجرد في معاركه من معاني البطولة، كان لا بد لأدبائه وروائييه وأهل الدراما والسينما فيه أن يخترعوا له أعداء فوق البشر، يأتونه في الأرض أو يذهب هو إليهم في السماء ليتمّ له القتال الذي فيه معنى البطولة!! وأشدُّ ما ترى فيه هذا النقص لدى الغربي هو الأخلاق؛ فإن الغربي مجرم منافق، وذلك أمر أصيلٌ في طبعه، لا سيما منذ اعتنق العلمانية، فالأخلاق عنده وسيلة وأداة لا أكثر، يستعملها وينتهكها في تمكين تفوقه، وقد يفعل هذا في نفس الوقت واللحظة.. وقد ابتكر الغرب في منظومته السياسية وظيفة "المتحدث الرسمي"، وهذه الوظيفة يتولاها أكثر الناس مهارة في التعامل مع المآزق الأخلاقية؛ فإن أردت بلوغ هذه الوظيفة فكن وقحاً فصيحاً، وكن بارداً ماهراً في تغطية المواقف اللاأخلاقية بغلالة من الشعارات الأخلاقية، كن قادراً على إنكار الشمس! لهذا ترى الغربي حريصاً على الأخلاق شغوفاً بها، وذلك في رواياته وقصصه ودراماه وسينماه فحسب، يحاول بهذا أن يغطي نقص الأخلاق في طبعه، وتجرده منها في واقعه! مَثَله في هذا كَمَثل الذي يتعاطى المخدرات ويدمنها لأن جسده قد توقف عن إفراز مادتها، فهو شغوف بها لأنه فاقدٌ لها، متشوق لها لأنه فارغ منها، حريص عليها لأنه عاجز عن استنباتها من نفسه مثل كل الأسوياء الأصحاء! وحال هذا يكون أشد بؤساً وأشد حقداً وأشد تغيظاً حين يرى مادة البطولة كلها قد جُمِعت في عدوّه، وليس يعرف طهر الفتاة العفيفة إلا التي ارتكست في الفاحشة وأدمنتها، وليس يتغيظ الجبان إلا إذا أبهر الناسَ الشجاع، وليس يُفتضح البخيل بمثل ما يُفتضح إذا ظهر إلى جواره الكريم!
Telegram Center
Telegram Center
Channel