View in Telegram
11. وذلك أن السلطان إذا عدل انتشر العدل في رعيته وأقاموا الوزن بالقسط، وتعاطوا الحق فيما بينهم، ولزموا قوانين العدل فمات الباطل وذهبت رسوم الجور، وانتعشت قوانين الحق فأرسلت السماء غياثها، وأخرجت الأرض بركاتها، ونمت تجارتهم وزكت زروعهم وتناسلت أنعامهم، ودرت أرزاقهم ورخصت أسعارهم وامتلأت أوعيتهم، فواسى البخيل وأفضل الكريم، وقضيت الحقوق وأعيرت المواعين، وتهادوا فضول الأطعمة والتحف فهان الحطام لكثرته وذل بعد عزته، وتماسكت على الناس مروآتهم وانحفظت عليهم أديانهم. وبهذا تبين لك أن الوالي مأجور على ما يتعاطاه من إقامة العدل، ومأجور على ما يتعاطاه الناس بسببه. 12. وإذا جار السلطان انتشر الجور في البلاد وعم العباد، فرقت أديانهم واضمحلت مروآتهم وفشت فيهم المعاصي وذهبت أماناتهم، وتضعضعت النفوس وقنطت القلوب، فمنعوا الحقوق وتعاطوا الباطل، وبخسوا المكيال والميزان وجوزوا البهرج، فرفعت منهم البركة وأمسكت السماء غياثها، ولم تخرج الأرض زرعها أو نباتها، وقل في أيديهم الحطام وقنطوا وأمسكوا الفضل الموجود، وتناجزوا على المفقود، فمنعوا الزكوات المفروضة وبخلوا بالمواساة المسنونة، وقبضوا أيديهم عن المكارم وتنازعوا المقدار اللطيف وتجاحدوا القدر الخسيس، ففشت فيهم الأيمان الكاذبة والحيل والبيع والخداع في المعاملة، والمكر والحيلة في القضاء والاقتضاء، ولا يمنعهم من السرقة إلا العار ومن الزنا إلا الحياء، فيظل أحدهم عارياً عن محاسن دينه متجرداً عن جلباب مروءته، وأكثر همته قوت دنياه وأعظم مسراته أكله من هذا الحطام، ومن عاش كذلك فبطن الأرض خير له من ظهرها. 13. قال وهب بن منبه رضي الله عنه: إذا هم الوالي بالجور أو عمل به أدخل الله النقص في أهل مملكته في الأسواق والزرع والضرع وكل شيء، وإذا هم بالخير والعدل أو عمل به أدخل الله البركة في أهل مملكته كذلك. 14. وقال عمر بن عبد العزيز: تهلك العامة بعمل الخاصة، ولا تهلك الخاصة بعمل العامة، والخاصة هم الولاة. وفي هذا المعنى قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: 25) . ..... ومن أحب أن يستكمل، فليذهب إلى الكتاب، وليطالع نصا بديعا من مصادر السياسة الشرعية
Telegram Center
Telegram Center
Channel