🌻 *هل لفظة: (وكل ضلالة في النار) الواردة في خطبة الحاجة صحيحة أم شاذة؟*🌻 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أما بعد، فإن الكلام في هذه المسألة سيكون من أوجه: 🔹 *أولًا: مدار ولفظ الحديث* عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ... وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا. وَكُلُّ ‌بِدْعَةٍ ‌ضَلَالَةٌ». الحديث في «صحيح مسلم» (867) وغيره. *ثانيّا: الاختلاف على جعفر الصادق في الإتيان بهذه الزيادة وعدم ذكرها* رواه تسعة من الرواة عن جعفر ولم يذكروا هذه الزيادة، وخالف عبد الله بن المبارك فرواه عن سفيان عن جعفر فزادها، هذا الإجمال وإليك التفصيل. 🔹 رواه عن جعفر الصادق رضي الله عنه مجموعة من الرواة منهم: ١- عبد الوهاب بن عبد المجيد (ثقة) وروايته في صحيح مسلم (867). ٢- سليمان بن بلال (ثقة) وروايته في صحيح مسلم (867). ٣- سفيان الثوري (إمام حجة) في رواية وكيع عنه. وروايته في صحيح مسلم (867). ٤- عبد العزيز بن محمد الدرواردي (ثقة) وروايته في طبقات ابن سعد (1/324). ٥- مصعب بن سلام (صدوق) وروايته في مسند أحمد (14334). ٦- يحيى القطان مختصرا (ثقة) وروايته في مسند أحمد (14431). ٧- يحيى بن سليم (صدوق سيء الحفظ) وروايته في مسند الدارمي (212). ٨- إسحاق بن موسى الأنصاري (ثقة ثبت) وروايته في السنة للمروزي (74). ٨- هيب بن خالد (ثقة) وروايته في مسند أبي يعلى (2119). ٩- أنس بن عياض (ثقة) وروايته في مستخرج أبي عوانة (2774). 👈🏻 كل هؤلاء رووه عن جعفر الصادق بدون لفظة: (وكل ضلالة في النار). ♦️ *من الذي زاد لفظة: (وكل ضلالة في النار)* وخالفهم عبد الله بن المبارك فرواه عن سفيان الثوري عن جعفر الصادق عن محمد الباقر عن جابر مرفوعًا بذكر لفظة: (وكل ضلالة في النار). أخرجه النسائي في السنن (3/188 – 189)، وابن خزيمة (1785) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص 82) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن جعفر عن أبيه عن جابر بزيادة هذه اللفطة. 🔹 *من أحفظ لحديث سفيان الثوري وكيع أم ابن المبارك؟* لاحظنا أن الاختلاف في إثبات هذه اللفظة وحذفها وقع من وكيع ومن ابن المبارك في روايتهما عن سفيان - فوكيع رواها عن سفيان الثوري بدون الزيادة فوافق الجماعة. - وأما ابن المبارك فرواها بالزيادة المذكورة. ووكيع أحفظ من ابن المبارك، قال أبو حاتم الرازي في مقدمة «الجرح والتعديل» (1/ 221)، -ترجمة وكيع-: «وكيع أتقن لحديث الثوري من ابن المبارك. وقال سفيان بن عبد الملك صاحب ابن ‌المبارك: كان ‌وكيع ‌أحفظ من ابن ‌المبارك. السير (9/152). 🔹 *الشواهد من الأحاديث المرفوعة التي ليس فيها زيادة: (وكل ضلالة في النار)* وردت أحاديث تشبه حديث خطبة الحاجة وليس فيها لفظة: (وكل ضلالة في النار). ١- عن العرباض بن سارية ففي جميع ألفاظه: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ ‌بِدْعَةٍ ‌ضَلَالَةٌ» رواه أحمد (17144) وغيره بسند صحيح. ٢- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ ‌بِدْعَةٍ ‌ضَلَالَةٌ». أخرجه أبو عاصم في السنة (25) وصححه الألباني. ٣- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ ‌بِدْعَةٍ ‌ضَلَالَةٌ» أخرجه الآجري في الشريعة (85)، وابن بطة في الإبانة (171) وفي سنده أبو هشام الرفاعي وهو ضعيف والحديث هنا في الشواهد. 🔹 *هل ورد لفظ (وكل ضلالة في النار) في أحاديث أخرى* لا أعلم ورودها في حديث مرفوع صحيح غير ما تقدم. 🔹 *إعلال شيخ الإسلام لمتن هذه اللفظة* قال شيخ الإسلام كما في المجموع (١٩/١٩١): "وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: "خَيْرُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"