إنتظار الأنبياء والأوصياء للإمام الحجة
قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) .
إن الله تعالى بصريح الآية الشريفة قد وعد المؤمنين بأن يورثهم الأرض ويجعل ما فيها تحت سيطرتهم الكاملة عليها ويُمَكّن لهم دينهم الذي إرتضاه لهم، فتمكين الدين الصحيح الذي إرتضاه الله للمؤمنين هو تحقيق وإنجاز للغرض الإلهي من خَلْقِ الخلق، وسيتحقق بتحقيق الوعد الإلهي بوراثة الأرض ومن عليها للمؤمنين، هذا الوعد الذي لم يزل إلى الآن لم يتحقق يقيناً، وهذا الوعد لا يتحقق إلاّ على يديّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كما هو ثابت عند جميع المسلمين، لهذا قلنا أنَّ الغرض الإلهي من خلق الخلق إنَّما يتحقق على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
لذا نقول أنَّ جميع الأنبياء والرسل والأئمة "عليهم السلام" إنّتظروا دولة القائم ومهّدوا لها وترقبوها وعملوا لأجلها، فالأنبياء جميعهم كان شعارهم -إِعبُدوا الله وَحدهُ لا شريك له-، ولهذا فإن كل الأنبياء والأئمة عليهم السلام جاؤوا من أجل تحقيق هذا الغرض الإلهي بدعوة الخلق وهدايتهم ووضعوا الخطوات الأولى لأجل هذه الدولة المباركة وقيامها، والتي ستتحقق على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وكذلك إنتظروا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فإن من الطبيعي إنتظارهم له إذا كان الهدف من رسالاتهم وتضحياتهم سيتحقق على يده، وقد أشارت عدة نصوص عن أهل البيت لإنتظارهم وترقبهم للإمام المهدي عجل الله فرجه، منها مثلاً:
ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في رواية طويلة: "ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم."
فها هي الرواية صريحة في بيان حال أمير المؤمنين وشوقه لقيام دولة الإمام المهدي.
وكذلك الرواية المشهورة عن الإمام الصادق عليه السلام: " سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد" .
بل يمكن أن نفهم من بعض الروايات إن الله تعالى ينتظره أيضاً، وقبل أن نذكر هذه الروايات، سنذكر بعض الآيات التي نسبت الإنتظار لله تعالى، لئلا يكون هنالك إشكال عقائدي إن قلنا أن الله تعالى ينتظر الإمام المهدي.
قال تعالى: (وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) ، وقوله تعالى: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) ، وقوله تعالى " قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ" .
فمن الآيات الكريمة يَتَضِّح أنَّه لا يوجد إشكال في أن نقول أن الله تعالى بنفسه ينتظر ويرتقب شيء ما، وهذا ما ثبت في القرآن الكريم.
فلا إشكال إذاً أن نقول: إن الله ينتظر الإمام المهدي.
وإن معنى إنتظار الله ليس بمعنى إنتظارنا وذلك لأن إنتظارنا هو إنتظار حاجة له، نريده أن يقودنا وأن يظهر العدل لنا وما شابه، أما إنتظار الله تعالى، إنتظار يليق به ولا يتنافى مع شأنه وعظمته، إنتظار للوقت الذي يتم فيه أمره ويقيم فيه دينه.
في الرواية عن العياشي، عن خلف بن حامد، عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين، عن البزنطي قال: قال الرضا عليه السلام:
"ما أحسن الصبر وإنتظار الفرج أما سمعت قول الله تعالى "فارتقبوا إني معكم رقيب" وقوله عز وجل "وإنتظروا إني معكم من المنتظرين" فعليكم بالصبر فإنه إنما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم" .
والملاحظ أَنَّ الإمام الرضا (عليه السلام) بنفسه إستدل بها وإستشهد على إنتظار الفرج، ومنه يُعلَم كما أسلفنا أن الله تعالى ينتظر الفرج، كذلك الأنبياء والأئمة، لماذا؟، لأنّهم جاؤوا لأجل هدف وهو -إعبدوا الله وحده لا شريك له- ويسعون أن يتحقق هذا الهدف في كل الأرض، ولا يتحقق هذا الهدف إلاّ على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
إذاً ما هو حجم إنتظارهم وترقبهم ولهفتهم للإمام الحجة؟، من الواضح أَنَّ إنتظارهم ولهفتهم له كبيرة جداً وربَّما إنتظارهم أشَدُّ من إنتظارنا، نحن الذين الآن بحاجة ماسة له لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويظهر دين الله تعالى في الارض، أمّا الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لم يكونوا بحاجة إلى كل هذا، لكن مع ذلك إِنَّ إنتظارهم أشد من إنتظارنا، لأن غايتهم التي أَفنوا عمرهم في تحقيقها لا تتحقق إلاّ على يد وريثهم الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، لذا من الطبيعي أن يكونوا منتظرين ومترقبين أشد الإنتظار والترقب له.
تمت مشاركه بواسطة بوت تذكرة مهدوية:
@Alnashirmahdawi2bot