View in Telegram
القوي المتين جل جلاله: حق القوي المتين جل جلاله: 1-أن تستمدَّ قوتك منه وحده، معتقدًا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله: قال تعالى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: 165]، فالقوة الحقيقية كلها لله، لا تُستمدُّ إلا منه، وهذه حقيقةٌ سوف يُدركها الغافلون يوم يرون عذاب الله بأبصارهم فيعلمون حينئذٍ علمًا جازمًا أن القوة لله جميعًا، وقد عميتْ أبصارهم في الدنيا عن رؤية شواهد قوَّته ودلائل قدرته، فعلَّقوا قلوبهم بما لا يُعطي ولا يمنع ولا يرفع، ولا يملك لنفسه فضلًا عن غيره شيئًا. فالقوة كلها لله، والعزيز مَنْ أعزَّه، والذليل مَنْ أذلَّه، والقوي من قوَّاه، والمنصور مَن نصره، والمخذول مَن خذله؛ قال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾ [هود: 52]. وسألت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعطيها خادمًا؛ فقال لها: ((ألا أدُلُّكِ على ما هو خَيْرٌ لكِ مِنْ خادِمٍ؟ تُسبِّحينَ ثلاثًا وثلاثين، وتَحْمَدِين ثلاثًا وثلاثين، وتُكبِّرين أرْبَعًا وثلاثين، حين تأْخُذِين مَضْجَعَكِ)) ولذلك ما أجمل أن يُردِّد العبد: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار منها، فقال: ((أكثِرْ مِن لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنزٌ مِن كُنوز الجنة)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمِع المؤذِّن قال مثل ما يقول، حتى إذا بلغ: "حي على الصلاة، حي على الفلاح" قال: ((لا حولَ ولا قوَّة َإلا بالله)) ذلك لأنَّ فِعْل الخير من المسارعة إلى الصلاة، والحرص على الفلاح، لا يكون إلا بأن يمنحك الله القوة على ذلك. وهي في نفس الوقت كلمة إسلام واستسلام، وتفويض وتوكُّل؛ معناها: أنه لا تحوُّل للعبد مِن معصية إلى طاعة، ولا مِن مرض إلى صحة، ولا مِن وهن إلى قوة، ولا مِن نقص إلى زيادة إلا بالله؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدُلُّكَ على كلمة من تحت العرش من كَنْز الجنة؟ تقول: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله، فيقول الله: أسلَمَ عبدي واستسلَمَ)) ومَن قال هذه الكلمة مستشعرًا معناها، عاملًا بمقتضاها مِن التوكُّل على الله، وصِدْق الاعتماد عليه، هُدِي وكُفِي ووُقِي، وكان مِن أقوى الناس وأحسنهم حالًا ومآلًا، وفي الأثر: "مَنْ سَرَّهُ أن يكون أقوى الناس فليتوكَّل على الله، ومن سَرَّه أن يكون من أغنى الناس فليكُنْ بما في يد الله أوْثَقَ منه بما في يده" 2- ألا يطغى الإنسان بقوَّته، وينسى ضعفه وعجزه: كثير مِن الناس يُعطيه الله تعالى القوة والمنعة والمال والجاه، فيَطْغى ويستكبر في الأرض، وينسى بدايته وعجزه، وينسى قدرة الله وقهره وبطشه، وقد حكى الله تعالى لنا عن كثيرٍ مِن هؤلاء، منهم قوم هود: قال الله: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت: 15]، فماذا كانتْ عاقبة أمرهم؟ ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [فصلت: 16]. فالعاقلُ لا يتجاوز قدره؛ بل عليه أن ينتهزَ فرصة قوَّته وشبابه ويجعلها في الطاعة، كما عليه أن يبذل قوته في الخير، والدفاع عن الحق، ونصرة الضعيف، وإنصاف المظلوم. 3- ألا يدبَّ اليأس إلى قلبك: لأنك تتعامل مع القوي المتين جل جلاله، الذي لا يعجزه شيء، ولا يغلبه ولا يفوته هارب؛ ولهذا كان اليأسُ من روح الله من صفات الكافرين؛ ﴿إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87]. #مبادرة_من_أحصاها
Telegram Center
Telegram Center
Channel