لآخر أمرِ المرءِ تُفضي أوائِلُه!
قاعدة حتمِيَّة يغفل عنها الكثيرون، أو إن شئت فقُل: يتغافلون عنها!
يقول اللهُ تعالى في الحديث القُدسي: «يا عِبادي، إنَّما هي أعمالُكم أُحصيها لكم ثمَّ أُوَفيكُم إياها، فمَن وَجَدَ خيرًا فلْيَحْمدِ اللهَ، ومَن وَجَدَ غَيْرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه» [صحيح مسلم: 2577].
واخد بالك مِن «فلا يلومَنَّ إلا نفسَه» دي!
.
وهذا ليسَ فَقَط في الآخِرة، وإنما في الدنيا كذلك، فَنَعم -وإن كانت الدنيا ليست دارَ جَزاء- إلا أنَّ الربَّ تبارك وتعالى قد سنَّ لها وفيها سُنَنًا تَجْري، فهو رَبٌّ عَدْل!
.
فما أنتَ فيه الآن مِن وَضعٍ = هو نتيجة أعمالك في الماضي، ولا بد أن توقِنَ بهذا أشدَّ الإيقان؛ فإدراكُك لهذه القاعدة هي خطوتُكَ الأولى نحو التغيير والأخذ بزمام أمور حياتِك وإصلاحها!
أن تُدرِكَ أن فشلك هو نتيجة أفعالك... أفعالِك أنت، ربما بسوءِ تخطيطٍ، أو اغترارٍ بالنفس وعدم توكل على الله، أو بذنبٍ أصبتَه (وما أكثر التوفيق الذي حُرِمناهُ بهذا البند!)، بل حتى الناس الذين سَلَّطهم اللهُ عليك وتظنُّ أنهم سببًا في فشلك = إنَّما سُلِّطوا عليكَ بذنبِك!
حينَها -وفقط حينها- ستبدأ باتهامِ نفسك بالتقصير، وبالتالي ستبحث عن الأسباب التي قمتَ بها وأدَّت إلى هذا، وهنا ستُبصِرُ أمورًا كثيرة كنت عنها في غفلة، وهذه الغفلة هي نتيجة التبرير؛ فكما يقول الشيخ محمد خيري -بارك الله فيه-: «التبريرُ يحرِمُ المرءَ مِن رؤيةِ التقصير» ... وهنا تبدأ رحلةُ الإصلاح والتغيير!
.
فاللهم نعوذ بك من التبرير والتعليق على شمَّاعاتٍ غير حقيقية، ونسألُكَ اللهم أن تغفرَ لنا ذنوبَنا وألا تحرمنا بها جميلَ توفيقِكَ وكرمِك، واهدنا وسدِّدنا ولا تكِلنا إلى أنفسِنا طرفَةَ عين.
الخميس 25 ذو القعدة 1444هـ / 25-5-2023م