تأملات مهدوية: فلا يدري الناس ما يقول من شدة البكاء!
روي في غيبة الطوسي في رواية طويلة عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه ذكر المهدي فقال: " يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصغو له، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء.
الرواية الشريفة فيها عدة معاني مهمة وعظيمة ينبغي على كل مؤمن الألتفات إليها.
ومن هذه المعاني:
أولاً الرواية بينت نهج أهل البيت (عليهم السلام) في التعامل مع الأختلافات والأضطربات، فالرواية لم تقل أنه سيهمش أو يقصي أو يفعل ما يفعل عند أختلاف الرايات، ولم تقل كذاك أن هذه الراية ستكون هي الناصرة له وهذه الراية ستكون عدوة له، بل ثلاث رايات أضطربت واختلفت وقد يكون الأمر بينهم وصل الى التكفير والسب وما شابه، لكن الإمام ماذا يفعل؟!!
سيجمع الرايات ويضمها جميعاً إليه ويوحدها وينهي النزاع والخلاف الذي بينها، فهذا هو نهج أهل البيت (عليهم السلام) في التعامل مع الرايات المختلفة ومع الآراء المختلفة لشيعتهم، فلم ينتهجوا نهج الأقصاء والتهميش بل نهجهم هو الجمع ولم الشمل.
ويؤيد هذا ما ورد في عدة روايات، منها ما ورد في أحد الأدعية (وأجمع به الأهواء المختلفة على الحق) وورد في دعاء الندبة (أين جامع الكلمة على التقوى)، فنهج الإمام الحجة (عجل الله فرجه) هو توحيد الكلمة ولم الشمل وجمع الأمة وليس التفريق والأقصاء والتهميش كما يتصور البعض!
حيث يتصور البعض أن الإمام فقط مع جماعة وفرقة من الناس دون غيرهم، وهذا خطأ فأهل البيت نهجهم توحيد الصف ولم الشمل مهما اختلفت الآراء.
وهذا يقودنا الى معنى ثاني ودرس ثاني من هذه الرواية، وهو أن على المؤمنين الاقتداء بنهج أئمتهم (عليهم السلام) فلا ينبغي أن يدخلوا في نزاعات وخلافات بل عليهم العمل بنهج أئمتهم وهو اجتماع القلوب وتوحيد الصف ولم الشمل وجمع الكلمة.
ولا يتصور أحد ان نهجه وطريقه فقط هو الذي يكون مع الإمام وباقي الفرق كلها ستكون معادية للإمام فهذا غير صحيح أطلاقاً.
بل ينبغي ويجب أن يعمل الشيعة على لم الشمل وتوحيد الصف وجمع الكلمة، ومهما أختلف الرأي ومهما اختلفت الكلمة يجب النظر على أنها أهواء مختلفة على الحق، كما روي في الدعاء ( وأجمع به الأهواء المختلفة على الحق) فهذه الأهواء اختلفت على الحق ولم تخرج الى محور الباطل.
لذلك فعلى جميع المؤمنين العمل بهذا القانون وهو لم الشمل وتوحيد الكلمة إن كانوا يريدون التقرب من أئمتهم (عليهم السلام) والعمل بنهجهم وإلا فنهج الأقصاء والتكفير والتهميش والسب والتكفير وغيره ليس نهج الأئمة (عليهم السلام).
والمعنى الثالث الذي يستنتج من هذه الرواية هو أن الإمام (عليه السلام) وشيعته في العراق (كما في الرواية أنه يأتي الكوفة) فالظاهر أن هذا اللقاء الأول بين الإمام وشيعته لذلك يقف الإمام ويخطب ساعة وخلال هذه الساعة لا يدري الناس ما يقول بسبب البكاء، ساعة يتكلم الإمام ولا يدرون ما يقول بسبب البكاء!!
من جهة الإمام شوق وعتاب وطول الغيبة وشدة المحنة التي مر بها ورؤيته وتحمله للمصائب التي تمر بشيعته وتمر به أيضاً، ومن جهة الشيعة الشوق إليه وطول الفراق وطول الغيبة وطول البعد والمصائب التي مرت بهم وتكالب الأعداء عليهم كل هذا سيختصرونه في هذه الساعة من البكاء، فلا يدرون ما يقول الإمام من شدة البكاء، فالأغلب أن هذا البكاء سيكون من الطرفين، من الإمام الحجة (عجل الله فرجه) وشيعته لدرجة أنهم لا يدرون ما يقول من شدة البكاء.
تمت مشاركة هذا المنشور بواسطة بوت تذكرة مهدوية.
من يرغب بأن ينشر البوت في قناته ما عليه سوى رفعه كمشرف في القناة: @Alnashirmahdawi2bot