كان شبحاً يطاردني في خيالي ،أشعر حياله بشعورٍ سيء لو تبدّى لي كابوساً ،أصحو وأنفث على يساري ثلاثاً وأعدّ ثلاثاً: أن ما يحدث الآن مجرد كابوس ،سأصحو على فجرٍ جديد وأنني لست وحيدة ،ما خطر في بالي قبلاً أن الكوابيس يمكنها أن تمتد إلى واقع اليوم التالي وليست فقط مجرد ليلة سيئة.
عزيزي سَاه: مرحباً، مرّ وقت طويل جداً مذّ أن تشاجرنا.. اعتذر لعينيك الودعتين على المرات التي كنت أُلقي بالشتائم ولا يرف لي جفن،وعلى الكثير من اللحظات كنت أثور فيها عليك وملامحي باردة ،وحدها المرات التي أغضب فيها بصورة جادة كانت تافهة جداً لأني تهربت ربما من شعورٍ يقبع بدهاليز روحي بعيداً أعجز عن تفسيره . نحن الآن على الضفة الأخرى يا ساه ،أقيم معك هدنة طويلة لأني أدركت أن للغضب أطياف عدة لن أخفي أيّ واحد منها ،نحن لا نسعى أن نتخلص من شعورنا السيء لكن أن نتعايش معه ونعبّر عنه بطريقة جيدة بدلاً من مواراته .
الحياة واسعة جداً وهذه الفكرة بالتحديد تدعم حماقتي ،أنا لا أخاف أن ينتبه لي أحدٌ ما على وجه الخصوص حيث أنني كائن صغير يتوسط ملايين الكائنات وأشكال الحياة بهذا الكوكب، أتظنّه تضر به سخافاتي؟
اطمئِن، فإن ما كُتِبَ لك سيصل إليك، ولو تَقطعت أمامه السُبُل، وأُغلقت دونه أبوابٌ عديدة، وتراكمت بينك وبينه الحُجُب، فإن الرزق لا يُخطئ صاحبه، يُناديه من بين الخلائق، الذي يرزق الطير إذ تغدو جائعة وتعود شبعى، وهو الكريم الوهّاب الذي لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
"أردت دائما أن أودع كل الذين أحببتهم يوما بخفة تسمح لي بأن أحتفظ بصورتهم الأولى في خيالي، لطالما كنت أرفض أن تموت كل اللحظات الثمينة في مرحلة غير مفهومة من الصمت الرهيب".