أنا أيضًا خُضت الكثير من التجَارب السَّيئة بمُفردي، تجَاوزتُ الكثير من خيباتِ الأمل لوحدِي، كُنت أقاوم بمُفردي وأخرج للعالم بمَظهرٍ ثابت، لذلكَ لاتقل أنك تعرفني جيدًا؛ لاني وحدِي فقط مَن يعرف قصتِي كامِلة.
لا تجبر ماضيك بأن يختار لك مستقبلك فلا أحد مِنَّا أهدتهُ الحيَاة معروفًا علىٰ طبقٍ من ذهب، كل الذين وصلوا الىٰ مُبتغاهم قَدموا الكثير من التضحيات، الجُهد، والوقت، فلا تدع اللوم علىٰ الماضي أو الحَظ أو أيِّ أحد كان؛ لانك تستطيع تغيير حاظِرك إن كُنتَ تريد حتمًا.
في هذِه الدنيا هُنالك من يراك أسوءَ شخص فقط لانهُ لا يحبك، أنتَ لا تنفعه ولا تضره لاكنهُ لا يحبك، وربمَا لم تتصادف معه في مواقف تجبرهُ على عدم تقبلك لاكنه هكذا لا يتلاطف معك..المحبة والمودة تأتي من الله كهبة ربانية، وهذا من نقص الايمان فمن ذلك ما جاء به الحديث الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
سنكون كما نحنُ بطَبيعتِنا لن نُجبَر أنفسَنا بالتغيير لأرضاء الآخرين، مهمَا كانَ نوع التغيير هذا جسَدي أو فِكري، فإمَا أن يتقبلونا كما نَحن عليه أو يتركُونا لمن سيتقبل ذاتنَا بأخطائها وعيوبهَا، فبدلًا من أن تشتري خاتم أكبر مِن مقاسِك وتسعىٰ لتصغيره أو تشتريه أصغَر مِن مقاسِك وتسعىٰ لتوسيعه إشتريه بالضبط علىٰ مقاس إصبعِك دون الإثارة للجدل فقط كُن مُدرك لتصرفاتِك! "وأنا لا أقصُد الخاتم فِي كلامي".
أمضي حياتي في مسافة بينية، حيث أجد السكينة في تلك المنطقة الرمادية التي لا تقترب حد التلاشي، ولا تبتعد حد الجفاء. لا أجد نفسي في الانغماس التام في العلاقات حتى الذوبان، ولا في الهجر الذي يبعث على الوحشة. أحب الحدود الواضحة، تلك التي تُرسم بحكمة واتزان، كحوافّ البلور، شفافة في ماهيتها، لكنها حادة في صلابتها. أنا بين الحذر والانفتاح، بين الاحتراز والتقبّل، أخطو في العلاقات بحساب دقيق، فلا أُفرط في الاقتراب حتى أفقد نفسي، ولا أُمعن في الابتعاد حتى أفقد الآخر. إنما أختار أن أكون ذلك الحاضر الغائب، كنافذة مشرعة تسمح بدخول النور والهواء دون أن تُغلق أو تُفتح على مصراعيها. العلاقات في فلسفتي كالأرض والماء؛ إن تداخلتا دون ضابط أصبح الطين غارقًا في الوحل، وإن حفظتا حدودهما أثمر التوازن حياةً وازدهارًا. أؤمن بأن إدراك الحدود هو جوهر الاحترام؛ أن تفهم الآخر دون أن تغزو مساحته، وأن تُفسح له مجالًا دون أن تذوب فيه. قد يراني البعض غريبًا، يفتقر إلى دفء الحميمية المطلقة، ولكنني وفيّ لكل من يفهم جمال المسافة، ذاك الفراغ المتوازن الذي يجعل من الصمت لغة، ومن التباعد جسراً لا جداراً.