سنلتقي ذات مَرّة في بداية يوم أو في نهاية ليلة أو في مدينةٌ ما، سنلتقي على حافّةِ طَريق أو في إحدى الأمنيات، سنلتقي في أحد الأحلام، أو رُبّما في عمر قادِم .
كُنتُ أعتقد أنني سأُصبح بخير عندما أكتُم في قلبي وأتخطى أوقاتي السيئة ولحظات انهياري بمفردي... ولكن اكتشفت أنني وصلت لأسوأ مرحلة نفسية لم أتخيلها قط وهشاشة لم تكن يومًا من طبعي.
أريده ذو وقار خاص تعتلي ملامحه الهيبة حتى تخشى إحداهن ملاطفته وتهاب ممازحته له نظرة حادة قوية مع من يردن اجتذاب حديثه صارم حد الخشونة مع كل بنات حواء لين معي... اتركه بين حشود من الفتيات وأنا على يقين من صدق كلمته وقوامته ورجولته وأنه رجل قوي أمين ذو هيبة ووقار يملك زمام غريزته ولايميل طرفه سوى لي ولا يلين بالقول ولا يلاطف هذه وتلك فهذه من صفات الرجل الحق ومعيار رجولته وقوامته اللهم أرزقنا بالصادق الامين.
يجب أنَّ أعترف ؛ إنني مِن الأشخاص الذين لا يطاقون فِي نهاية الأمر ، أنا مِن الذين يشعرون أكثر مما ينبغي ، ويفكرون أكثر مَم يلزم ، الذين يحتاجون لكلمات معينة يسمعونها ، وإن لا كلمات ولا تصرفات تدهشهم غير تلك التي استبقوها في مخيلتهم ، إنني من تلك الفئة الملولة التي ترفض الأشياء المكررة ، الكلمات المعادة ، والوجوه المتشابهة .
هناك دائمًا حزن في المحبّة، حتى عندما يكون كلّ شيء في أفضل حالاته، هناك وعي - مهما كان صغيرًا، ومهما كان منكرًا - بأنه سينتهي تدريجيًّا في نهاية المطاف.
قد كنتُ أتجنب المحبة طوال حياتي، كنتُ أعلم أن قلبي أكبر مني، وإنها لكارثة أن تكونِ إنسانة عاطفيةً ومنطقيةً في آنٍ واحد، كلما قطعتُ نصف الطريق في عاطفةٍ ما صفعتني يدُ المنطق قائلةً: عودي، هذا الطريق ليس لكِ.
في سنواتٍ مضت كُنت قويَّة، لا تهزّني النَّبرات العالية، ولا تكسرني الكلمات الحادَّة، كانت دموعي سِرًّا دفينًا، عصيّة على الانكسار أمام أعيُن الآخرين، نعم، قد أبكي، لكن لا أدعهم يشهدون ذلك، وحدها -غرفتي- كانت الشاهدة على كُلّ مرَّةٍ غلبتني فيها الحياةُ؛ فنزعتُ عنّي قناع القوّة وبكيت..
لا أدري لِمَ هذه الأيَّام بتُّ غريبة، هشَّة، وكأنَّ دموعي تختلقُ الأعذار لتفرّ من مخبئِها، وكأنَّها تُخبرني أنّها مَلّت الاختباء، سئِمتْ البقاء خلف سِّتار الثبات الواهي؛ لذا ألقت به وخرجت!
أكان هذا نِتاجًا طبيعيًّا لسنواتٍ طويلة أخفيتُ فيها جُلَّ ما أشعُر بِه؟ أكان هذا الاِنهيار مُتوقّعًا لتراكماتٍ لم تخرج يومًا للعلن؟ لكنّني لم أفعل كُلّ هذا لِأَنهَار في النّهاية! أكره هشاشتي الّتي أنا عليها اليوم، وكأنّني طفلة كُلّ شيءٍ يُبكيها، كُلّ كلمةٍ تُحزنها، كُلّ اِتّهامٍ يؤذيها..
لا أدري مَن المُخطئ، لا أدري إن كُنت فعلًا أُبالغ كما يدّعون، أم أنّهم لم يفهموني يومًا، كُلّ ما أعرفه أنّي تعبتُ، ودِدتُ لأوّل مرَّةٍ لو أنّني أُغادر بلا عودة، وأختفي.
ليس هروبًا منهم، بل بحثًا عنّي، عن تلك الّتي فقدتها وسط كُلّ هذا الضَّجيج، علّني برحيلي أتركهم في سلامٍ، وأجد سلامي أنا أيضًا.
لايستوي عندي من يلقي بحبال الودّ جانباً بسبب موقفٍ واحد بالذي يحيكها لأجل موقف ويحاول أن يشيّد جدران ودّ يكادُ أن ينهار، ليس الذي ألقي عليه حباً مُغلّفاً بالعتاب فيبادلني بالمُعاداة والجفاء، كالذي يعذُرني ويرمي بالعتاب جانباً، ويأخذُ عتابي على محمل الحبّ لا علىٰ محمل الكراهية، لا يستوي من يحتجّ بظروفٍ ليختفي في أشدّ فترات احتياجي له، بالذي يخلقُ ظروفاً ليكون بجانبي، الذي لا يلقي لكلّ اهتماماته بالاً ويجعلني أنا بكلّ عيوبي التي جُبلتُ عليها -في رأس القائمة!