خاطرة في كلمة قرآنية.. . . قال الله تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين). جاءت هذه الآية في سياق خطاب أهل الكتاب ومحاجّتهم في دعواهم أن إبراهيم عليه السلام على ملتهم التي ابتدعوها وضلالاتهم التي اعتقدوها، فردّ الله قولهم وأقام الحجج عليهم، ثم أخبرهم بأولى الناس بالانتساب إلى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، فقدم الوصف الجامع، وهو وصف الاتباع على حقيقة ملته ودعوته التي هي الإسلام ومجانبة الشرك، ثم نص على أعلى الناس ولاية له، وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (وهذا النبي)، فأشار لهم إليه باسم الإشارة المفيد للقرب (هذا) وهذا موضع بديع في القرآن، فإن هذه الإشارة مفيدة لقربه منهم حسا لأنه بعث في زمانهم، وهاجر إلى ديار طائفة منهم وهم اليهود، وأمكن طائفةً أخرى أن تفد عليه وتشهد صدقه وأحواله، وهم نصارى نجران. . ثم في الإشارة إليه صلوات ربي وسلامه عليه بالاسم الدال على القرب تنبيه على يسر الاقتراب منه والتحقق من أمارات نبوّته، وسهولة الانتفاع بهداياته، فهذا كقوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) ففي الإشارة إلى القرآن بالاسم الدال على القرب تقريب لهداياته وحث على أخذه والأخذ به. وكل ذلك تأكيد لقيام الحجة عليهم بإرسال الرسول فيهم وإدنائه منهم حسا ومعنى. . وفي هذه الإشارة تقريب للنبي صلى الله عليه وسلم ممن يلي زمانه من أمته وغير أمته، ببقاء سنته، واستمرار ملته، وإحكام شريعته، حتى كأنه صلى الله عليه وسلم باق بالمعنى الرسالي إلى آخر الدهر، وهو من مدلولات قوله صلى الله عليه وسلم: "وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي". فكان الاستمساك بسنته لمن بعده كالهجرة إليه في حياته صلوات ربي وسلامه عليه. . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.