صلوا على رسول الله..
.
.
أخرج مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "يؤتى بأنعم أهل الدنيا، من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله! يا رب! ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله! يا رب! ما مر بي بؤس قط. ولا رأيت شدة قط".
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وأحبابه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
فيه انفصال صورة النعمة والبؤس بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، فقد يكون الرجل أنعم أهل الدنيا أو من أنعمهم وهو عند الله وافد النار، وقد يكون الرجل أبأس أهل الدنيا أو من أبأسهم وهو يوم القيامة محشور تحت لواء الحمد. وفيه تهوين ما بني عليه أمر الدنيا من نعيم وشقاء، إذا ما قيس بنعيم الآخرة وشقائها، حتى إن أول منازل الحالين في الآخرة يمحو آخر منازلهما في الدنيا، فما ظنك بما فوق ذلك من منازل الآخرة، يقول تعالى في إحداهما: (لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد)، ويقول في الأخرى: (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا). وفيه قدرة الله وقوته سبحانه عز شأنه في قلب المنازل، ونسخ الأحوال، وتصريف المصاير، كما قال سبحانه: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)، نسأله تعالى عافية في الدنيا، ونجاة في الآخرة، هو حسبنا ونعم الوكيل.