View in Telegram
الثَّبَاتِ وَالتَّثْبِيتِ، فَمَا بَالُكَ بِنَا وَنَحْنُ الْمُذْنِبُونَ الْخَطَّاؤُونَ؟! أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: كَمْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مِنْ صَالِحِينَ غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ بِغُرُورِهَا وَخَدَعَتْهُمْ بِزُخْرُفِهَا فَمَرَّتْ أَيَّامُهُمْ وَخَرَجُوا مِنْهَا صِفْرَ الْيَدَيْنِ إِلَّا مِنْ أَوْهَامِهَا، وَلَقَدْ حَكَى الْقُرْآنُ عَنْ قَوْمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُصَلُّونَ، لَكِنَّهُمُ انْتَكَسُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ بِسَبَبِ اتِّبَاعِهِمْ لِشَهَوَاتِهِمْ: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مَرْيَمَ: 59]... وَقَصَّ عَلَيْنَا قِصَّةَ "بِلْعَامَ بْنِ بَاعِرٍ" الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ وَحَبَاهُ، ثُمَّ سَقَطَ فِي وَحْلِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ حَتَّى أَرْدَتْهُ وَأَهْلَكَتْهُ: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ)[الْأَعْرَافِ: 175]. وَحَذَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ آخَرَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْتَكَسَ فِي شُبَهَاتِهِ حَتَّى صَارَ سَهْمًا فِي نَحْرِ الْمُسْلِمِينَ، قَائِلًا: "إِنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ رِدْئًا لِلْإِسْلَامِ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ"(رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ). وَلَقَدْ ظَنَّ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمَّا رَأَى الشَّهَوَاتِ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ سَيَدْخُلُونَ النَّارَ بِسَبَبِهَا؛ فَقَدْ دَعَا اللَّهُ -تَعَالَى- جِبْرِيلَ "ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَمَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ، لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ يَسْمَعُ بِهَا، فَحُجِبَتْ بِالشَّهَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ: عُدْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا"(رَوَاهُ أَحْمَدُ)... فَمَا أَخْطَرَ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ! عِبَادَ اللَّهِ: إِنْ سَأَلْتُمْ: وَكَيْفَ النَّجَاةُ؟ قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَنْ جَعَلَ لَنَا وَسَائِلَ تُعِينُنَا عَلَى الثَّبَاتِ، وَمِنْهَا: الِاسْتِجَابَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَالِانْتِفَاعُ بِمَوَاعِظِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا)[النِّسَاءِ: 66]، فَالطَّاعَةُ مِنْ وَسَائِلِ الثَّبَاتِ، كَمَا أَنَّ الْمَعْصِيَةَ مِنْ أَسْبَابِ الزَّلَلِ: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)[آلِ عِمْرَانَ: 155]. وَمِنْهَا: تَجَنُّبُ الْفِتَنِ وَالْبُعْدُ عَنْهَا: فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحُذَيْفَةَ عَنْ زَمَانِ الْفِتَنِ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَذَلِكَ أَسْلَمُ مِنَ التَّعَرُّضِ لَهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَمِنْهَا: تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرُهُ: وَهَذَا مِنْ أَنْجَعِ وَسَائِلِ الثَّبَاتِ: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[فُصِّلَتْ: 44]، وَقَالَ -تَعَالَى- لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ)[الْفُرْقَانِ: 32]، فَلَيْسَ كَمِثْلِ كَلَامِ اللَّه مُثَبِّتًا عَلَى الطَّرِيقِ: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا)[النَّحْلِ: 102]. وَمِنْهَا: الدُّعَاءُ: فَلَقَدْ كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ رَبَّهُ الثَّبَاتَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ)، وَكَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)، وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily