حياةُ الإنسانِ في هذه الحياةِ مليئةٌ بالصعابِ، ورغمَ ذلكَ يُواصلُ العيشَ مهما كانتِ المشقّةُ. كم أوجعني والدي الذي يُقدِّمُ الكثيرَ في سبيلِ أبنائِه، الذين أرهقتْهُم الحياةُ منذُ صِغَرِهم. وكم أحزنني حالُ والدتي التي يشغلُ تفكيرَها أعباءُ أسرتِها وهمومُها.
وكم أوجعَ قلبي أخي الذي أثقلَتْهُ الحياةُ بمصاعبِها، حتى بدا كأنه غيرُ مرغوبٍ فيه من قِبَل الجميعِ. ومع ذلكَ، يطمئنُّ قلبي قليلًا على أخي الأكبرِ الذي كوَّنَ أسرتَه الصغيرةَ حديثًا، ويُحاربُ مشقّةَ الحياةِ وغَلاءَها من أجلِهم.
وأمَّا أختي وأسرتُها الجميلة، فهي تخبّئُ أحزانَها وتصبرُ عليها بقوّةٍ، وكأنَّها محطةٌ مليئةٌ بالعِبَرِ والدروسِ. وكم أوجعني منظرُ كلِّ شخصٍ مرَّ أمامي بمظهرٍ متعبٍ، لا يعلمُ أحدٌ ماذا رأى أو ماذا مرَّ به في هذه الحياةِ.
وأيضًا، كم أوجعني حالُ كلِّ أبٍ مُرهَقٍ يُوفِّرُ لأبنائِه كلَّ سبلِ العيشِ، بينما هم لا يُبالون ولا يهتمُّون لأمرِه. كم من أبٍ نسيَ نفسَه وقصَّرَ على ذاتِه ليُحقِّقَ أمانيَ أبنائِه، وفي نهايةِ المطافِ، ينشغلُ الجميعُ في هذه الحياةِ بتلبيةِ مطالبِها الماديَّة.
ومع ذلكَ، هناكَ مَن يفكّرُ في أخراهُ وأعمالِه، ويتأمَّلُ في ما سيُكتَبُ له في صحيفتِه.
يا صديقتي، ע تغُرُّكِ هذه الحياةُ ومظاهرُها؟ فإنَّ الدنيا فانيةٌ، ولا ينفعُنا إلا أعمالُنا وأقوالُنا، ففي النهايةِ نحنُ جميعًا سنرتدي اللباسَ نفسه، وسنكونُ في المكانِ نفسه. ولكن؟ لكلِّ منا أعمالُه التي تُحدِّدُ مصيرَه.
نسألُ اللهَ أن يغفرَ لنا ولكم ولجميعِ المسلمين، وأن يرزقَنا منازلَ في الجنَّةِ، إن شاءَ الله.