[[ الدرس 16/17]]
¤ المسألة الثالثة: في صفة الواجب:
وازن الإسلام بتشريعه العادل بين المصالح للفقراء والأغنياء، فندب إلى أخذ الفقير حقوقه كاملة، غير منقوصة، وندب إلى مراعاة حقوق الأغنياء في أموالهم، ولذلك حدد الواجب في الزكاة بأن يكون من وسط المال، لا من خياره، ولا من شراره، فيجب على الساعي مراعاة السن الواجبة، إذ لا يجزئ أقل منها؛ لأنه إضرار بالفقراء، ولا يأخذ أعلى منها؛ لأنه إجحاف بالأغنياء.
ولا يأخذ المريضة، والمعيبة، والكبيرة الهرمة؛ لأنها لا تنفع الفقير، وبالمقابل لا يأخذ الأكولة، وهي السمينة المعدة للأكل، ولا الربى، وهي التي تربي ولدها، ولا الماخض وهي الحامل، ولا الفحل المعد للضراب، ولا حرزات المال، وهي خيارها التي تحرزها العين؛ لأنها من كرائم الأموال، وأخذها إضرار بالغني لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( ... وإياك وكرائم أموالهم) .
ولما روي عن عمر أنه قال لعامله سفيان: (قل لقومك: إنا ندع لكم الربى، والماخض، وذات اللحم، وفحل الغنم، ونأخذ الجذع والثني، وذلك وسط بيننا وبينكم في المال).
¤المسألة الرابعة: في الخلطة في بهيمة الأنعام:
وهي على نوعين:
النوع الأول: خلطة أعيان، وهي: أن يكون المال مشتركا بين اثنين في الملك، مشاعا بينهما، لم يتميز نصيب أحدهما عن الآخر، وتكون خلطة الأعيان بالإرث، وتكون بالشراء.
النوع الثاني: خلطة أوصاف، وهي أن يكون نصيب كل منهما متميزا معروفا، ويجمع بينهما الجوار فقط.
وهي بنوعيها تصير المالين المختلطين كالمال الواحد إذا كان مجموع المالين نصابا، وأن يكون الخليطان من أهل وجوب الزكاة. فلو كان أحدهما كافرا لا تصح الخلطة، ولا تؤثر، وأن يشترك المالان المختلطان في المراح، وهو المبيت والمأوى، ويشتركا في المسرح فيسرحن جميعا، ويرجعن جميعا، والمحلب والمرعى، والفحل، فيكون فحل الضراب واحدا مشتركا لها جميعا.
فإذا توافرت هذه الشروط أصبح المالان كالمال الواحد بتأثير الخلطة.
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما
كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية).
فالخلطة تؤثر في إيجاب الزكاة وفي إسقاطها، وذلك في بهيمة الأنعام خاصة دون غيرها.
ومثال الجمع بين المتفرق: أشخاص ثلاثة كل واحد منهم يملك أربعين من الغنم، فجميعها مائة وعشرون، فلو اعتبرنا كل واحد لوحده لوجب عليهم ثلاث شياه، لكن إذا جمعنا الغنم كلها فلا يكون فيها إلا شاة واحدة. فهنا: جمعوا بين متفرق؛ لئلا يجب عليهم ثلاث شياه، بل واحدة.
ومثال التفريق بين مجتمع: شخص عنده أربعون شاة، فإذا علم بمجيء العامل فرق بينها فجعل عشرين منها في مكان وعشرين في مكان آخر، فلا يؤخذ عليها زكاة لعدم بلوغها النصاب متفرقة.
---------------
المصدر : كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء.