كيف أشتغل بعيوب نفسي حتى أترك عيوب غيري؟ | الشيخ صالح العصيمي
الجواب: يكون ذلك بإقبالك على نفسِك؛ بالاشتغال بالنَّظر في تفريطِك، ودَوامِ محاسَبَتِك لنفسك؛ فإنَّ العبدَ إذا أَدْمَن محاسبتَه لنفسِه، وتَفقَّدَ عُيوبَه؛ كان ذلك صارفًا له عن تَتَبُّعِ عُيوبِ النَّاس والاشتغال بنقائصهم.
كما كان السَّلف - رحمهم الله تعالى - يُدِيمُون محاسبةَ أنفسِهم، فَتَكَفُّهم هذه المحاسبة عن الاشتغال بعيوب غيرهم.
وقد كان الرَّبِيع بنُ خُثَيْمٍ - رحمه الله تعالى - إذا أتى إلى فراشِه نَظَر في عملِه، فمَا وجَدَ من خيرٍ حَمِد اللهَ، وما وَجَد غير ذلك تاب إلى الله - عز وجل -، وكان يقول: «أُحِبُّ هذا لإخوانِي، فإن ماتوا ماتُوا على تَوبةٍ، وإن قاموا قامُوا على توبةٍ».
وكان الفُضَيْلُ بنُ عِياضٍ يقول: «إنِّي لَأَعْرِفُ مَنْ يَعُدُّ كلامَه مِن الجمعة إلى الجمعة». فلمَّا كانت هذه أحوالُهم - مِن تمام المحاسبة، وكمال المراقبة -، كان ذلك كَافًّا لهم عن الاشتغال بعيوب النَّاس.
فمَنْ سار بِسَيْرهم واهتدى بِهَدْيهم، كَفَّه ذلك عن الاشتغال بعيوب النَّاس، ولا سيَّما إذا اقتَرنَ بِهذه التَّخْليةِ: تحليةُ القلب بالإيمان، وإشغالُ النَّفس بطَلَب المعالِي؛ مِن الهُدى، والنُّور، والإيمان، والإحسان، والعِلم، والفَضَائل الشَّرعيَّة التَّامَّة؛ فحينئذٍ تكون النَّفس مشغولةً بِهذا الأمر عن الالْتِفَات إلى هذه الحَقَارات؛ مِن تَتَبُّع عُيوب النَّاس، والنَّظر في نقائِصِهم، والاستطالةِ في أعراضِهم.
لتعلم أن أمانيك إن صغرت أو كبرت فهي أمام قدرة ربّك سواء؛ فادعُ الله وعينك على كرمه لاعلى تعسّر الأسباب، فإذا دخلت إلى محراب الدعاء فتذكّر أنك بين يدي كريم جواد قدير يقول للشيء كُن فإذا به يكون، وألحّ ثم ألح بالدعاء فإن الطمع بما عند الله حلوٌ ولذيذ هيئ قلبك لفرح سيغمرك حتمًا مادمت تطيل الوقوف عند باب الله؛ قال السعدي في تفسير قوله تعالى (وأدعو ربي عسى أن لاأكون بدعاء ربي شقيًا)،