نزل قوله تعالى: "وإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكم أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكم بِهِ الله"، أزعجت الآية الصحابة إزعاجا شديدًا، و داخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء آخر لأنهم فهموا منها أنهم سيحاسبون على كلِّ شيء حتى حركات قلوبهم و خطراتها، فقالوا يا رسول الله، أُنزلت علينا هذه الآية و لا نُطيقها. فقال الله النّبي صلى الله عليه و سلم: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم:سمعنا و عصينا؟ بل قولوا: سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير" فجعلوا يتضرعون بهذه الدعوات حتى أنزل الله بيانها بقوله: "لا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا" إلى آخر السورة، و هنالك علموا أنهم إنما يحاسبون على ما يطيقون من شأن القلوب، و هو ما كان من النّيات المكسوبة و العزائم المستقرة، لا من الخواطر و الأماني الجارية على النّفس بغير اختيار.
النبأ العظيم.
محمد عبد الله دراز.