قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته في المدينة من جملة ما قال:
"
وما شرّ بشرّ بعده الجنّة ولا خير بخير بعده النار وكلّ نعيم دون الجنّة محتقر وكلّ بلاء دون النار عافية"•
إنّما يُحكَم على الشيء بأنّه شرّ أو خير بحسب ما يؤول إليه فإن كان ينتهي إلى خير فهو خير وإن كانت بدايته صعبة وشديدة ومؤلمة، وإن كان ينتهي إلى شرّ وعذاب فهو شر وإن كان قد بدأ بالرخاء والدعة والراحة ولذا قيل: "
إنّما الأعمال بخواتيمها"تفسير الإمام العسكري: ص 465.
من هنا ينبّه (عليه السّلام) المؤمنين الذين يصارعون الباطل ويتجرّعون المرارات في هذه الدار الدنيا إلّا أن تلك المعاناة إذا كان مآلها إلى النعيم المقيم والثواب الجزيل فذلك هو الخير كلّ الخير فالقتل والسجن والملاحقة والاضطهاد سيعود في أنظارهم خيراً ما دامت عاقبته إلى خير وإلى نعيم.
وأمّا ما يتقلّب فيه الظالمون من نعمة وأمان وسلطة فهو وإن كان خيراً ظاهريّاً عاجلًا إّلا أنّه بحسب العاقبة شرّ وبيل وحساب شديد، قال تعالى: ﴿
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [ابراهيم: 42]. وقال تعالى: ﴿
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227]
من هنا لا بدّ للمؤمن إذ يبتلى بالشدائد والصعوبات في حياته الدنيا بسبب إيمانه ودفاعه عن دينه وتمسّكه بمبادئه أن ينظر إلى البعيد وإلى العاقبة الحُسنى التي تنتظره فإنّ ذلك ممّا يعطيه القوّة والصبر والثبات وما ذلك إلّا جزء من البصيرة التي يجب أن يتوفر عليها كلّ مؤمن ليكون كالجبل لا تهزه العواصف كما وصفه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
الكنوز الثمينة في خطبة أمير المؤمنين (عليه السّلام) في المدينة: ص ٨٨ـ٨٩.
لمتابعة المنشورات
https://t.center/droossreiadh