*لماذا لا نبكي عندما نقرأ القرآن ؟!*
إخوتي الكرام أحيانا ونحن نقرأ القرآن نتساءل: (لماذا لا نتأثر كما تأثر الصحابة؟ لماذا لا نبكي كما كان الصحابة يبكون؟)
أتعرفون الجواب؟
لأن الصحابة كانوا يستمعون القرآن بنفسية غير نفسيتنا ونية غير نيتنا. كانوا يستمعونه بنفسية الجندي الذي ينتظر الأوامر للتنفيذ الفوري، محبةً وخشيةً ورجاء. كانوا يفهمون جيدا وينفذون قولَه تعالى: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)). فالاختيار بين طاعة الله ومعصيته ليس واردا عندهم.
كانوا ينتظرون الآيات مشاعل تهديهم في الظلمات، كانت نفوسهم أرضا عطشى تنتظر كلام الله انتظار المطر لتتشربه فيثمر من بذور الإيمان فيها أبهى الثمر، كان جهدهم كله منصبا في (كيف ننفذ أمر الله كما يحب الله). نفسية طيبة كهذه ما إن يمسَّها الوحي حتى يتسارع القلب ويتهدج الصوت وتنهمر العينان.
ماذا عنا نحن؟ لنكن صريحين!...
يقرأ كثير منا القرآن بنفسية كسلى!
تريد أن تتفلت من الأوامر وتؤثِرُ اللذة الفانية. إذا مرت بآية فيها أمر أو نهي لا يوافق الهوى حشدت جيشا من الأعذار كي تتملص من التنفيذ: لعل تفسير الآية على غير ظاهرها، ربما في الأمر خلاف، زماننا اختلف، لن أنفذ هذا الأمر لكن الله غفور رحيم...وهكذا! هناك نداء في أعماق النفس يلومها يقول لها: ((استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)) فنتردد، نحس بالذنب، ثم نتجاهل هذا النداء ونكبته ونتابع القراءة، وننتظر بعد ذلك أن يؤثر القرآن فينا كما كان يؤثر في الصحابة؟!
إذا أردت أن تتأثر بالقرآن كالصحابة فاتخذ القرار الشجاع...أنك لن تختار بين طاعة الله ومعصيته، بل الطاعة هي خيارك الأوحد. هذا القرار صعب، لكنه يسهل جدا إذا وثقت بحكمة الله ورحمته، فلا يأمرك بأمر إلا وفيه نفعك والتيسير عليك والرفق بك في الدنيا والآخرة.