يقول النبي -ﷺ- بصوت يقتلع جذور الدنيا، ويَسحَقُ أجزاءها العلوية: «ما لي وللدنيا؟»، وكأنَّ الصدى يكرر تلك الكلمة الجبارة:
ما لي وللدنيا.. ما لي وللدنيا.. ما لي وللدنيا؟!
فتنطفئ الدنيا فجأةً..
ثم يكمل: «ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظَلَّ تحت شجرةٍ، ثم راح وترَكها».
أخذت تلك الكلمة: «ما لي وللدنيا» تنداح في الأجواء، وتتقاذَفُها الأصداء، وتتوغَّل في تلك النفوس التي كانت تحاول استيعاب مقدار العظمة التي تنطوي عليها تلك النفس الزكية.
الدنيا ليست حديقة غنَّاء، ولا شجرةً في هذه الحديقة، الدنيا ظل شجرة! إنها أقل من أن تكون شجرةً! إنها الظل الزائل، إنها البقية الباردة التي في الكأس، إنها الأشياء التي تختفي بمجرد أن نحدق فيها.
ثم استمع إلى «راح وتركها»، ومُدَّ قليلًا في «ترَكَها»، اجعَلْ نهايتها خُفُوتًا يلائم خفوت الدنيا، وتلاشيها في نفس الرجل النبيل عليه الصلاة والسلام.
[علي بن جابر الفيفي | الرجل النبيل]