View in Telegram
دِيوَانُ العَصْرِ
📖
قف بالديار الخَاليات وحيِّها مهدومُها يبكي على مَبنِيِّها تبدو البيوت تهدمت أنصافُها مثلَ القصائد بعد محو روِيِّها دُورٌ كأشعار القُدامى في الثَّرى مكتومُها يَربُو على مَروِيِّها فاقرأ سطوراً من حُطامٍ لم تزل تَهذِي بغامِضِ حِكمةٍ وجَلِيِّها كلماتُها متشابهاتٌ كُلُّها في السَّطر نابَت أيُّها عن أيِّها أَلِفاتُها ياءاتُها من حَدْبِها إذْ مَال قَائمُها على مَحنِيِّها وعلى الخريطةِ يَستَمِرُّ السَّطر من شَاميِّها شَطْباً إلى يَمَنيها حيثُ البلادُ صحيفةٌ مَشْطُوبةٌ تصحيحُها أعيا على صحَفِيِّها وانظُر خياماً في الحُطام تناثرت حوَّلن حاضِرها إلى بَدَوِيها وسَلِ الديارَ عن الجميعِ تفرقوا واسمع جواب قريبِها وقصِيها إذْ أمسكت يوم الفِراق بأهلها إمساكَ أطفالٍ بثوبِ وليِّها وانظر حضورهمُ الذي بغيابهم واسمع بلاغتَها التي في عِيِّها فلقد تضيقُ على الفتى بفراغِها ويكونُ وقعُ سكوتِها كدويها تُغضي حياءً كي تُكتِّم سرَّها ما باحَ بالأسرار مثلُ حيِيِّها وكأنها راياتُ جيشٍ عائدٍ بعد الهزيمةِ نشرُها في طَيِّها يا طالباً حَلباً رجوتُكَ بالذي قَسَمَ الدُّنا لسعيدِها وشقِيِّها ليَ زهرةٌ فيها إذا وقعَ النَّدى مالتْ لتسقيَ أختِها بنَدِيِّها ودمُ الأُسودِ على الظِّباءِ مُحرمٌ يا صاحبي إلا على حَلبِيِّها عزلاءُ تخشى أن تُزاحِمَ ظِلَّها فَنِيَ الورى بسهامِها وقِسِيها والريحُ تبطئُ كي تفوزَ بعطرِها والعُشبُ ينبتُ لِاستماعِ حُلِيها بيني وبينكِ ألفُ طاغيةٍ دَعا بِشِعارِ أفضلَ أمةٍ ونبِيِّها هذا وهذا يدعُوانِ كلاهُما زوراً إلى عثمانِها وعَلِيِّها والحقُّ بين الباطلينِ مُمزقٌ ترميهِ كفُّ دَعِيِّها لدَعِيِّها خَلعا ذراعَ الطِّفل يدَّعِيانِه والأمُّ لم تَخْلع ذِراعَ صَبِيها وأنا الملومُ لدى الجميعِ لأنني ساويتُ بين غويِّها وغويها يا أدعياءَ الزُّورِ ذاكَ وإنَّني العُمَرِيُّ وابنُ قُصيِّها ولؤَيِّها وأنا عدوُّ طغاتِها وغزاتِها بَلَدِيُّها عندي كإفرَنجِيها وأنا الذي في كل مصرٍ قبلَها آزرتُ أعزلَها على جُندِيها مَنْ منكُمُ ما مَسَّ أعزلَ سيفُهُ وأطار قلبَ أُميمةٍ بِبُنَيِّها ورأى خلاصَ الأرضِ عندَ غُزاتِها ورأى مداواةَ الحُروقِ بِكَيِّها مَنْ بينَكُم يُؤْوَى لهُ فَصُدورُنا ضاقت قَماقِمُها على جِنِّيِّها ألِنَابِشِي أمواتِها ومُدَفِّنِي أحيائِها ومُؤَلِّهي بَشَرِيِّها ومُذبِّحِي أطفالِها في دُورِهِم مثلَ الأضاحي في يَدَيْ وثنِيها وعِصابةٍ رسمتْ على أوطانِنا قُضبانَ سِجنٍ من ظِلالِ عِصِيِّها ما ظلَّ من بَشرٍ ولا حَجرٍ بها ويظلُّ والِيها ضَحُوكاً تَيِّها أمْ لائِكي الأكبادِ من أضدادها ساروا بسُنةِ هندَ أو وحشِيها أم ناصِبِي سُوقَ النِّخاسَةِ في الضُّحى ببضاعةٍ لِفقيرِها وغنِيها وجميعُهم سَأَلَ الغريبَ حِمايةً فأباحَ حامِيها دِمَا مَحْمِيها هُنتم إلى أن أصبحت أحلافُكُم عربيُّها عبءٌ على عجمِيِّها مَلَّتكُمُ الأُممُ الكِبارُ وأنتُمُ ضيفٌ ببابِ شحِيحِها وسَخِيها ولكلِّ مظلومٍ حليفٌ ظالمٌ يُغريهِ من أفعالِهِ بِدَنِيِّها والأرضُ نهبُ سُباتِها وسُباتِها حتى تشابه ميْتُها معَ حَيِّها وولاتُها عاشوا عليها عالةً أرزاقُ سَابيها على مَسبِيِّها وحدودُها قُضبانُها وقُيودُها حَلقٌ بكفِّ مُطِيعِها وعَصِيها دارت كما الأفعى تُصارعُ ذيلَهَا شَرقِيُّها يُفضِي إلى غَربِيِّها دارت كمِشنقةٍ على أعناقِكُم وتَلَوَّتِ الأجسادُ في مَلوِيِّها لا خيرَ إلا في الذي ردَّ العِدى فَرداً وقامَ ضَعِيفُه لقَوِيها في أمةٍ كُرَماؤُها غُرباؤُها أكرِم بِها مجنونِها وسويِّها والمنصتين إلى دُعاءِ رقِيقِها والمُقدِمينَ على دِماءِ عَتِيِّها كَثَروا العساكرَ عُزَّلاً فَتَشَرَّدت من خوفِها وتَجرَّدت من زِيها يتعودُ القلبُ الحروبَ لطولها حتى يصيرَ مجيئُها كَمُضِيها لا تنخدعْ إنْ قيل تَنساها غداً وجعُ الخُطوبِ يكونُ مِن مَنسِيها تُشفى جِراحُ النَّفس إنْ أَظهَرتَها والهولُ كلُّ الهولِ في مَخْفِيِّها . #تميم_البرغوثي
Share
Telegram Center
Channel
Join