"يقع الإنسان في بئر المرض.
أحبّ أن أفكّر في كل نوعٍ من الأمراض، على أنه نوعُ إلفاتٍ إلى جهة من جهات ربوبية الله لي.
أن تُمنعَ مثلاً من حرية التنفس، وحرية لقاء الآخرين.
هل كنتُ أستفيد من النَّفَسِ وعرضِ وسامتي على الناس، كأنَّ كل شيء هو من عندي؟
.
الربوبية شأن متفرّد في جوهره. يعرضُ على لوح وجودِ كلٍّ منا، من حيث أنه مدّعٍ، أو أنه مرتبط بشبكة الطاقة الكونية التي تضخ فيها يد الربوبية إمكانات الحركة..
.
تقع في بئر المرض.
تجد أباكَ يدلقُ في جفافك من دلوِ رحمته، وتنقلب فيه الأبوة إلى درجة الأمومة.
وتجد أمك، تأتي لك بالشمس، والهواء، وتلقي إليك رغيفَ محبتها كل يوم.
وتجد زوجتك، تشق من قلبها ثمرة الحب، وتصيبك بابتسامتها، بفرحة الرجاء، ورمحٍ طويل من الشغف للقاء جديد.
وتجد إخوتك، تنفجر فيهم ينابيع من الحيرة، كأنّ صحراءك لا تنتهي.. وكأنك محض التراب.
هل انتبهتَ ما كشفه لك المرض عن كمِّ النقص فيك، وعن قلة استغنائك عن حب الناس لك، وقدرتهم على وصلك بشبكة الطاقة الكونية: غصباً عنك؟
.
يطلّ عليك المرض، بوجهه الرحيم.. مهما توجعت.
كنتَ ينقصكَ هذا الشيء.
كلّما توجعت أكثر، وتقلبت يمينا وشمالا، وبحثت بذهنك العاشق عن مسارب الحب لك، كلما شكرتَ أن هذا الجسد يتوجع: كي يستيقظ القلب!
.
نحن ضعفاء!
.
ومجانين، إن لم نلتفت دوماً، إلى هذا الغبار المتراكم الذي تحييه روحٌ لم تكن يوماً من جنس هذا التراب."
🤍#محمد_باقر_كجك