المَعنى العميق لِقول الله تعالى في الحديث القُدسي:
"الصومُ لي وأنا أجزي به"..
:
❂ يقولُ
#الإمام_الصادق نقلاً عن جدّه
#سيّد_الكائنات "صلّى الله عليه وآله" و هُو يُحدّثنا عن رُوح الصِيام، يقول:
(الصومُ جُنّةٌ - أي وقاية - مِن آفاتِ الدُنيا، و حِجابٌ مِن عَذاب الآخرة، فإذا صُمْتَ فَانْوِ بصَومِكَ كَفَّ النَفسِ عن الشهوات، وَقَطْعَ الهِمَّة عن خُطواتِ الشيطان والشياطين، وأنزلْ نفْسكَ مَنزلةَ المَرضى لا تَشتهي طَعاماً ولا شراباً، مُتوقّعاً في كُلّ لَحظةٍ شِفاكَ مِن مَرَضِ الذُنوب، وطَهّر باطنكَ مِن كُلِّ كَدَرٍ وغَفْلةٍ وظُلْمةٍ تَقْطعُكَ عن مَعنى الإخلاص لوجهِ الله تعالى.
قِيلَ لِبعْضهم إنَّكَ ضَعيفٌ والصيامُ يُضعِفُكَ.. قال: إنّي أعدّهُ بشرّ يومٍ طويل - يُشير إلى يوم القيامة -، والصبرُ على طاعةِ الله أهونُ مِن الصبرِ على عذابه،
و قال
#رسول_الله "صلّى اللهُ عليه وآله": "قال اللهُ عزَّ وجلَّ: الصومُ لي وأنا أجزي به".
فالصومُ يُميتُ مُرادَ النفس وشهوةَ الطَمَع، و فيه صَفاءُ القَلبِ وطَهارةُ الجوارح وعَمارةُ الظاهر والباطن، والشُكْرُ على النِعَم والإحسانُ إلى الفُقراء و زيادةُ التضرّع والخُشوع و البكاء، وجل الالتجاء إلى الله تعالى، وسَبَبُ انكسارِ الهِمّة وتَخفيفِ السيّئات وتَضعيفِ الحسنات، وفيه مِن الفوائد ما لا يُحصى وكفا بما ذكرناهُ منهُ لِمَن عَقَله و وُفّق لاستعماله إنْ شاء الله تعالى)
[مصباح الشريعة]
👆🏻هذهِ الكلمات لإمامنا
#صادق_العترة "صلواتُ الله عليه" مَضامينُها واضحةٌ بيّنة تُحدّثنا عن مَعنى الصيام وعن رُوح الصيام.. و هي شَرْحٌ و بيانٌ للمضمون الوراد في كلماتِ
العترة مِن أنَّ الصّيام زكَاةٌ للجَسَد.. هذا بالنسبة لآثار الصِيام في عَالم الطبيعة التُرابي.
• أمّا بالنسبة لآثار الصيام في العَالم المَعنوي (عالم الملكوت) فيُشير إليها ما جاء في الحديث القدسي عن الباري عزّ وجلّ حِين يقول: (الصومُ لي وأنا أجزي به)
✸ و هُنا سُؤالٌ يُطرَح:
حِين يقول الحديثُ القُدسيُ (الصومُ لي) ما المراد مِن المَعنى العميق و البعيد للصوم؟ بعبارة أُخرى: حين يقول الباري عزّ وجلّ (الصومُ لي).. هل هُناك مُناسبةٌ بين هذا الحديث و بين الحديث القدسي الآخر: (يا أحمد خلَقْتُكَ لي.. أو خلقتُكَ لأجلي)؟!
الجواب:
هذهِ (لي) المَوجودة في حديث "الصوم لي" و الموجودة أيضاً في حديث "يا أحمدُ خلقتك لي" هي واحدة.. و عليه يكون المعنى واحد.
يعني أنّ المعنى المَوجود في حديث (الصوم لي) هو نَفس المَعنى الموجود في حديث (يا أحمد خلقتُكَ لي).
و إذا أردنا أن نعرفَ هذا المعنى.. فلنتوجّه إلى الكتاب الكريم.
• في الكتاب الكريم في سُورة البقرة يقول تعالى: {واستَعِينُوا بِالصَبرِ والصلاةِ وإِنَّها لَكبيرةٌ إِلّا على الخاشِعِين}
و قد جاءَ في بعض الروايات الشريفة أنّ المُراد مِن الصَبر هُنا هُو الصوم في وجهٍ من الوجوه.
وجاء في أحاديثَ أخرى في أُفُقٍ آخر أنّ المُراد مِن الصَبر هو نُبوّة نبيّنا الأعظم "صلّى الله عليه وآله".. كما في حديث المَعرفة بالنورانيّة لسيّد الأوصياء "صلواتُ الله عليه" حِين يقول فيه:
(يا سلمان قال الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} فالصبرُ مُحمَّدٌ والصلاةُ ولايتي، ولذلكَ قال: و إنَّها لكبيرةٌ ولم يقُلْ وإنَّهُما.. ثمَّ قال: إلّا على الخاشعين، فاستثنى أهل ولايتي الذين استبصروا بنور هدايتي... و قال: الخاشعون هُم الشيعةُ المستبصرون)
[مشارق أنوار اليقين]
:
• فالصبرُ هُو الصَوم في وجْهٍ مِن الوجوه..
• و الصبر هُو مُحَمَّدٌ "صلّى الله عليه وآله"..
👆🏻فهنا لدينا مُعادلتان.. بمُساواتهما مع حذف المُتشابهات مِنهما، نَصل إلى هذه النتيجة: أنّ الصوم = حقيقة مُحمّد.
والصلاةُ هُنا ستكون باطنُ الصوم، فالصلاةُ ولايةُ عليٍّ.. و لقد تَردَّدتْ هذهِ الكلمة عن سيّد الأوصياء: (أنا صلاةُ المُؤمنينَ وصِيامُهم) و تَردّد نفْس هذا المضمون في كلمات الأئمة "صلواتُ الله عليهم".
فحقيقةُ الصلاة و جوهرُها هو ولايةُ عليٍّ.. و ولايةُ عليٍّ هي باطنُ ولايةُ مُحَمَّدٍ.. بل هي عَينُ ولاية مُحمّدٍ "صلّى الله عليه وآله"
فحينما يأتي الحديثُ القدسي فيقول: (الصومُ لي) و (يا أحمد خلقتك لي)
فهذا المَضمون يُريد أن يُشير إلى أنَّ الولايةُ هي رباطُ المَخلوق بالله سبحانه و تعالى.. فالولاية هي نَحو العلاقةِ بين المَخلوق وبينَ الله سُبحانه و تعالى
و هذهِ الولاية تتجلّى مَرةً في مُحَمَّدٍ و أُخرى في عليٍّ و هكذا في المَعصومين حتّى تتجلّى في إمام زماننا "صلوات الله وسلامه عليه و عليهم أجمعين".
✦ ثُمّ لاحظوا هذا التعبير مرّة أخرى (الصومُ لي وأنا أجزي به)
إذا كان الصَوم يُشير إلى نَبيّنا الأعظم وآلهِ الأطهار - كما ذكرنا - فيكون المعنى:
مُحمّدٌ لي و أنا أجزي به.. يعني مُحمّدٌ مظهرُ ولايتي و أنا أجزي به.. و هذا هو نفس المَضمون الوارد في الحديث القُدسي عن الله تعالى حِين يُخاطبُ الباري إمامَ زماننا