View in Telegram
صراع الأثير كتبه إياد العطية الإعلام أشد فتكًا من ضرب الحراب. الأحداث العظام التي مرت بها منطقتنا غيرت من شكل الصراع على كوكب الأرض قاطبة، وتسببت في تغيرات وتحولات خطيرة على مستوى العالم، ولعل أخطر تحول في هذه المرحلة هو دخول الشعوب على خط الصراع، والذي ينذر بمستقبل سوف تكون للشعوب الكلمة الفصل فيه، وقدرتها على تحديد مصيرها، وشكل النظم السياسية التي تحكمها، وما ذلك على الله بعزيز. ومما لا شك فيه، أن منطقة الشرق الأوسط عامة، والمنطقة العربية بشكل خاص، هي منطقة الصراع العالمي، وعليها ومنها تدور الصراعات الأممية، وتُفرض التوازنات الدولية، وهي حالة تعكس أهمية المنطقة وأهلها، كما تعكس خشية النظام الدولي من عودة دور الإسلام في قيادة العالم، وسيادة أهله على الأرض من جديد، بعد أن سقطت آخر حصونه قبل 100 عام تقريباً بسقوط الخلافة العثمانية. ومهما حاول النظام الدولي طمس هذه الحقائق وإخفاءها لتهميش دور الشعوب وإبعادها عن الصراع، فإن المواجهة حتمية بين الشعوب المسلمة، والنظام الدولي الذي يتحكم في السياسة العالمية، ويفرض سيطرته على الشعوب بالقوة والقهر، إما بالاحتلال المباشر وقتل الشعوب، وإما من خلال أدواته الجبابرة الذين تسلطوا على رقاب المستضعفين فحكموهم بالحديد والنار! كما مما لا شك فيه أيضاً، أن الإسلام هو مادة الصراع العالمي، وأن الأمم تتكالب عليه وعلى أهله؛ لمعرفتهم يقيناً أن الدور السيادي القادم على الأرض له كما كان من قبل. من هنا، جاءت التحالفات المتناقضة بين بعض الدول التي جمعتها مصلحة مشتركة، وخطر مهدِّد واحد، ممكن أن يعصف بهم جميعاً، ويجعلهم على حافَة الهاوية، جعلهم يضعون خلافاتهم جانباً، ويتوحدون ضد عدوهم المشترك؛ وهو الإسلام الناهض من جديد. كما هو حاصل في التحالف الصليبي الرافضي، وتحالفات الرافضة مع العلويين ومع الصفويين في كل من سوريا والعراق، ضد الشعبين العربيين المسلمين السنيين. الحرب الإعلامية وقد شن هؤلاء المتحالفون المتناقضون؛ ابتداءً من النظام الدولي وانتهاءً بأصغر شرّير على الأرض، الحرب على المنطقة وعلى الأصعدة كافة وفي كل الاتجاهات، لشعورهم بقرب الخطر المحدق الذي بدأ يهدم أركان عروشهم، ويزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وكان أهمها وفي مقدمتها الحرب الإعلامية التي ركزوا فيها على جوانب عديدة؛ أهمها: تشويه صورة الإسلام الناصع، وربط الإرهاب العالمي به، وتصوير شعوبه على أنها شعوب متخلفة رجعية لا تستحق أن تنتمي إلى العالم المتقدم المتحضر حتى أطلقوا علينا اسم دول العالم الثالث! وبات المدافعون عن حرياتهم أو بلدانهم المحتلة قتلةً مجرمين متعطشين إلى الدماء، حتى تكونت صورة ذهنية بشعة عند شعوب العالم الذي يغذي معلوماته من الإعلام، وهي أن المسلم الذي يعيش في الشرق الأوسط عبارة عن مجرم سفاح بشع يحمل سكّينه ليذبح من يخالفه في الرأي، ثم تطور ولبس حزاماً ناسفاً ليفجر نفسه في المجتمعات الغربية التي تخالف رأيه ودينه ومعتقده! وبعد هذا الجهد الكبير الذي بذله النظام الدولي في العقود المنصرمة لتشويه صورة الإسلام وأهله من خلال الإعلام الموجَّه من قِبله، ومن قِبل أدواته بالمنطقة، بدأت هذه الصورة تتكسر وتتلاشى، وبدأت ملامح من صورة الإسلام الحقيقي تحل مكانها، بعد أن تفلتت ماكينة الإعلام من قبضة النظام الدولي وأدواته من الطغاة والجبابرة في المنطقة، لتصبح هذه الماكينة بيد الشعوب، ويصبح الفرد منا ناطقاً إعلامياً حراً ليس عليه أي قيود أو شروط، ويستطيع أن يدافع عن نفسه، ويصحح المفاهيم التي تسببت في تشويه صورته وصورة دينه. ليتحول شكل الصراع بين الشعوب الحرة والنظام الدولي وأدواته بالمنطقة إلى صراع عبر الأثير، والذي لا يقل أهمية عن صراع الصواريخ؛ بل إن صراع الأثير يتقدم حرب الصواريخ. وبهذه الخطوات المتقدمة، أصبحت الحرب مباشرة بين الشعوب التي تتطلع إلى الحرية وتسعى للخروج من التبعية الغربية، والنظام الدولي وأدواته، الذين يسعون لاستعباد هذه الشعوب وقهرها. الأمر الذي يوجب علينا بذل جهود جبارة في هذا الميدان، ومزيداً من الصبر والمرابطة حتى يُسقط الله تلك الأصنام، وتتحرر الشعوب من قبضة الغزاة الجبابرة. ومن بين أهم أدوات صراع الأثير، مواقع التواصل الاجتماعي ومنها "تويتر" وأخواتها والذي غيّر وجودها شكل الصراع بين الشعوب والطغاة الجبابرة، وبه تحولت ماكينة الإعلام من الاحتكار الحكومي إلى عوام الناس، الأمر الذي سبّب هوس الانتقام لدى الطغاة! حتى اضطروا إلى تجريم أصحاب التغريدات، بعد أن سنّوا قوانين جديدة خاصة أشبه بإعلان حالة الطوارئ لمحاسبة المغردين، وشنوا حرباً شرسة على حسابات الأحرار المحرّكة للشعوب الحرة.
Telegram Center
Telegram Center
Channel