لماذا العراق دائمًا في قلب الصراع؟
كتبه إياد العطية
حكى العلماء الأوائل عن تقسيم الأرض إلى أقاليم، فقسموها إلى سبعة أقاليم وأشادوا بمكانة الإقليم الرابع وفضله بين هذه الأقاليم.
وقد اتفق أصحاب هذا الفن على أن الإقليم الرابع، لوقوعه في مركز العالم القديم ووسط هذه الأقاليم السبعة فهو أعدل الأقاليم وأفضلها، ويقع العراق في وسط هذا الإقليم الرابع فيحظى بمكانة لا مثيل لها من حيث اعتداله واعتباره.
كان الملوك القدماء يرون أن الملك الأعظم يجب أن يكون في مركز دائرته، بُعده عن أطرافها متساوٍ، ومن هذا المركز يستمد قوة تدبيره. ولهذا كان يُقال إن موضع الملك يجب أن يكون في “الواسطة” من هذا الإقليم الرابع.
وهنا نجد تفسيرًا لمكانة العراق بين دول العالم، التي جعلت منه على مرّ العصور هدفًا رئيسيًا ومحلًّا للأطماع، قديمًا وحديثًا.
مشكلة العراق مركبة ومعقدة، مما يجعل التنبؤ بمستقبلها أو رسم خطط واضحة للخروج من أزماتها أمرًا بالغ الصعوبة.
كان العراق، وما زال، في قلب الصراع الشرقي الغربي، وساحة يتنازع فيها الخصوم، حيث تُصَفَّى على أرضه حساباتهم كافة. وقد تكالب الجميع عليه بأطماعهم وأهوائهم، ويتحمل، فوق هذا، إرثًا من الحقد التاريخي العميق.
إسرائيل ترى أن لها حقًا تاريخيًا ودينيًا في العراق وأرضه، وحلمها القديم بإقامة دولتها المزعومة من الفرات إلى النيل لم يفارق مخططاتها. سخّرت إمكانياتها واستخدمت نفوذها حول العالم لتحقيق هذا الحلم، وأصبحت العرّابة لكل المؤامرات التي تُحاك ضد العراق والمنطقة.
إيران بدورها تعتبر أن لها حقًا دينيًا وإرثًا تاريخيًا في العراق، حيث حكمته قبل الإسلام لعقود، وكانت المدائن عاصمة لها قديمًا. وهي أيضًا تمضي على خطى الصهيونية، مستخدمة كل إمكانياتها ونفوذها لجعل بغداد عاصمة لفارس، كما أعلن كبار مسؤوليهم بصراحة.
أمريكا بدورها تتناغم مع مطامع إسرائيل وإيران في العراق، وتضع عينها على مكامن قوته، وترى فيه منبعًا للقوة العربية وقلب المنطقة النابض، مما يجعل من تحطيم عنفوانه وتفتيت قدراته هدفًا استراتيجيًا.
وهكذا يتضح لماذا يظل العراق دائمًا في قلب الصراع العالمي، ولماذا يستمر في كونه مطمعًا للأمم والدول على مر العصور.